عوائق وعراقيل تواجه اللاجئين السوريين في تسجيل ابتكاراتهم

عوائق وعراقيل تواجه اللاجئين السوريين في تسجيل ابتكاراتهم

تواجه المخترعين السوريين في بلدان اللجوء العديد من المعوقات والعراقيل أثناء محاولة تسجيل ابتكاراتهم وحمايتها، وذلك لاختلاف المعايير والشروط التي تُمنح بموجبها براءات الاختراع، بدءاً من الرسوم الباهظة في بعض هذه البلدان ومروراً باللغة وصولاً إلى ضرورة تجاوز المرحلة الوطنية إلى المرحلة الدولية بالنسبة لمن حملوا معهم اختراعاتهم في رحلة اللجوء، علماً أن الهدف من تسجيل براءات الاختراع لا يقتصر فقط على حماية الاختراع من النسخ والسرقة، بل يمتد ليشمل الترخيص القانوني لاستخدامه من قبل جهات أخرى، والحصول على عائدات من جراء ذلك وهو الأمر الذي لازال بعيد المنال بالنسبة للمخترعين السوريين في بلدان الشتات.

 وتعرّف المنظمة العالمية للملكية الفكرية براءة الاختراع بأنها "حق استئثاري يمنح نظير اختراع. وبشكل عام، تكفل البراءة لمالكها حق البتّ في طريقة أو إمكانية استخدام الغير للاختراع. ومقابل ذلك الحق يتيح مالك البراءة للجمهور المعلومات التقنية الخاصة بالاختراع في وثيقة البراءة المنشورة".

ابتكر الشاب السوري "عباس الفاعوري" اللاجئ في الأردن، مجهراً ليزرياً يمكن الاستفادة منه في دراسة المايكروبات والجراثيم في بيئتها الطبيعية واستخدامه في مجالات الطب والتحليل المخبري، كما يمكن استعماله في الجامعات والمدارس لإفادة الطلاب في مشاريعهم ودراساتهم بكافة مراحلها، مستخدماً في ذلك مواد بدائية بسيطة استطاع الحصول عليها من أسواق الخردة.

 

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 720x720px.


 وروى الفاعوري المقيم في العاصمة الأردنية عمان لـ"اقتصاد" أن العقبة الأولى التي واجهته في تسجيل ابتكاره هي الوصول إلى الشركات المسؤولة عن براءات الاختراع، مضيفاً أنه راجع مكتب الملكية الفكرية في جامعة طلال أبوغزالة الدولية فأعطوه استمارة مبهمة لتعبئتها لم يفهم منها شيئاً وأحس–حسب تعبيره – وكأنه يحل أسئلة امتحان للغة "المريخية" في جامعة هارفرد فامتنع عن تسجيل اختراعه.

 وتابع محدثنا أن هناك تعتيماً بالنسبة لتسجيل براءات الاختراع في الأردن وخصوصاً بالنسبة للاجئين دون معرفة الأسباب.

 وأوضحت إحصائيات محلية أن 2534 طلباً ببراءة اختراع قدمت في الأردن بين عام 2007 وحتى نهاية العام الماضي، بينما لم يتجاوز عدد البراءات الممنوحة 201 براءة، فيما تغيب الإحصائيات حول عدد براءات الإختراعات التي تم التقدم بها أو تسجيلها من قبل اللاجئين السوريين.
 
الدكتور "سالم العلي" باحث سوري في مجال الزراعة حصل على براءتي اختراع من "التورك باتنت" -إدارة براءات الاختراع التركية عام 2017 عن اختراعاته التي كان من المؤمل أن تحقق انعطافاً تنموياً في تركيا، ولكنه واجه مشكلة في تسجيل براءة اختراعه الجديد، وكشف العلي أن الشركة التي أودع لديها براءة الاختراع وكان من المفترض أن تكون جهة دفاع عن حقوقه أبلغت "التورك باتنت" بأنه يطالب بتسريع منح براءة الإختراع، وكان هذا الإخبار–حسب قوله- طعنة لتركيا -حسب قانون البراءات- ( وتعني في القانون أني لا أرغب في الحفظ العالمي) كما حاول البعض داخل الشركة المذكورة سرقة الإختراع عندما اكتشفوا أهميته الإستراتيجية.

 وأضاف محدثنا أنه من المستحيل لأي جهة في العالم تنفيذ براءة الاختراع التي أودعها من غير فك شفرتها لأنه–كما يقول- كان حذراً أثناء الإيداع وترك كلمة مرور خاصة (لغز علمي) وهذا ما سوف يعتمد عليه في إيداعها مرة أخرى والحصول على العالمية.

 ويُذكر أن تركيا قدمت دعماً للمخترعين السوريين عبارة عن منحة قدرها مائة ألف ليرة تركية وافتتح وقف T3 في تركيا التسجيل لبرنامج دعم المخترعين الذي يشمل اللاجئين السوريين، وتتعلق المنحة بحسب "المنتدى السوري" بمجالات التقنية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والقيادة الذاتية، وتعلم الآلة، والإنترنت والشبكات الذكية وتقنيات التعليم. ومن بين الشروط التي وضعها الوقف للتسجيل في البرنامج، توفير نموذج مبدئي لجهاز أو اختراع.

اللاجئ السوري الشاب "هشام عباس الجاسم" ابتكر العديد من الاختراعات قبل وبعد لجوئه إلى ألمانيا مع بداية الحرب في سوريا ولم يتمكن من تسجيلها بسبب ظروف اللجوء، ومنها ابتكاره المتمثل في رفع منسوب الأنهار، وابتكار المظلة السورية الذكية وصولاً إلى مشروع الرجل المروري السوري. 

 

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 770x438px.


وروى الجاسم لـ"اقتصاد" أنه أجرى العديد من المقابلات في منظمة "الكرايتاس" و"الآفو" في ألمانيا من أجل تسجيل ابتكاراته وتم ترجمة المشروع إلى اللغة الألمانية منذ أكثر من سنتين ولكن عدم اتقانه اللغة الألمانية حال-كما يقول-دون استكمال تسجيل براءات اختراعاته التي لازالت محفوظة في دروج مكتبه-كما يقول-.

وبدوره أشار مدير المنظمة العربية الأوروبية لحقوق الانسان "محمد كاظم هنداوي" إلى أن موضوع تسجيل براءات الإختراع مهم للاجئين السوريين في أوروبا وخصوصاً أن الكثير من المبتكرين السوريين يشعرون بالغبن والتمييز بينهم وبين الآخرين فالكثير من المخترعين الأوروبيين أو حتى العرب بإمكانهم-حسب قوله- تسجيل اختراعاتهم ببساطة وسهولة ودون عراقيل، أما اللاجىء السوري فهو يحتاج لمحامين ومختصين ليسجلوا له براءة اختراعه، ولفت هنداوي إلى أن هناك اختراعات بسيطة وأخرى متطورة، وبعضها يساعد السوريين على الاندماج كالمنصة الإلكترونية التي عمل عليها مجموعة من الشباب اللاجئين ولم يلقوا اهتماماً من الحكومة الألمانية للناس المبدعين، وإنما اهتمامها ينصب على ما يفيدها ويهمها فحسب.

 

هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 960x955px.


 ولفت محدثنا إلى أن هناك حالة إهمال لابتكارات اللاجئين وحمايتها في بلدان اللجوء، سواء كانوا أفراداً أو مجموعات، وبعض هؤلاء تمكنوا من تسجيل الإختراعات ولكنها اختراعات "ميتة"-حسب قوله- لا يمكن الاستفادة منها أو تنفيذها، وبعض المخترعين طُلب منهم طلبات تعجيزية مثل تنفيذ الإختراع ومن ثم عرضه وهو أمر مكلف وباهظ الثمن لكون صاحب الاختراع لاجئاً بالكاد يستطيع تأمين حاجياته اليومية، وختم أن أكبر عائق في وجه المخترعين السوريين اللاجئين في بقاع العالم الآن هو الجانب المادي وعدم وجود حاضنة لهم تدعمهم وتأخذ بيدهم.