على أبواب رمضان.. هل ثمة جوع سوري كبير؟

على أبواب رمضان.. هل ثمة جوع سوري كبير؟

بسرعة، داهم رمضان حياة السوريين ليس لأنه جاء في غير موعده، بل بما يحمله من أعباء فوق ما هم فيه من نكبات متتالية. وربما هذا الشهر قد يكون الأقسى في ظل انكماش اقتصادي، وتراجع كبير في سعر صرف الليرة السورية، الذي انعكس على أسعار المواد الأساسية، وبالتالي رمضان أكثر صعوبة مما سبقه في سنوات الحرب المتواصلة.
أسواق مستنفرة
قبل أيام من بداية الشهر يستعد المواطن والتاجر لإنجاز لعبة القهر، والتاجر بالتأكيد هو صاحب المكسب الأكبر، ولديه من مبررات رفع الأسعار الكثير من الوقائع والتضليل، وقد شهدت الأيام الأخيرة انذارات يدركها المواطن من خلال رفع أسعار بعض السلع التي تشكل غذاء الناس في الشهر الكريم.
"أبو أحمد" أحد المواطنين الذين يقطنون العاصمة وليس بعيداً عن سوق الشريبيشات الشهير، يقول لـ "اقتصاد": "ما تزال الأسواق مكتظة بالبضائع ولكن الأسعار تتغير بين الصباح والمساء واليوم التالي، والناس بدأت تتسوق للشهر الكريم، والعائلة لن تتخلى عن مستلزمات السحور والفطور لذلك بدأ الاحتكار ورفع الأسعار، وارتفع سعر كيلو الجبنة الحلوم من 2000 ليرة إلى 2500، والرز من 300 إلى 450 ليرة".
"محمود . س"، صاحب محل مواد غذائية في ضاحية قدسيا، برر ارتفاع أسعار السلع والخضار قائلاً لـ "اقتصاد": "نحن أيضاً مواطنون وعلينا ما على المستهلك من مشاكل ومنغصات، ولا يمكن أن نخسر من جيوبنا فلدينا أسر تريد أن تعيش ولها تكاليف، والدولة لا ترحم.. ندفع لها ضرائب، وموظفو التموين لهم حصتهم، وتكاليف نقل المواد من دمشق إلى الريف ذات تكاليف عالية خصوصاً أن أسعار النقل زادت بسبب أزمة البنزين".
المحروقات ترفع الأسعار
جريدة قاسيون المملوكة لـ "قدري جميل"، وفي تحقيق عن واقع السوق، بررت ارتفاع الأسعار على الطريقة الماركسية فعزته إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب المحروقات: "المحروقات بالإضافة إلى كونها أحد مستلزمات العملية الإنتاجية، وبالتالي، فإن توفرها وأسعارها تؤثر بشكل مباشر على قيمة المنتج النهائي، صناعي أو زراعي، فإنها كذلك تدخل في حسابات التكلفة النهائية على مستوى أجور نقل البضائع والسلع التي ترتفع بارتفاعها، في سلسلة تطال بالنتيجة أسعار كافة السلع والبضائع والخدمات في الأسواق".
المحروقات انعكست على أسعار الخضار المروية والتي تحتاج إلى رفع المياه بمحركات تعمل على المازوت، وعلى سبيل المثال وفق "قاسيون"، فقد ارتفع سعر البازلاء مقارنة بالعام الفائت بشكل كبير حيث بلغ سعر الكيلو في العام الماضي 75-100 ليرة بينما حالياً يقارب 350 ليرة سورية وهكذا حال الفول.
أما بقية الأصناف فبقيت على أسعارها المرتفعة وتوقعات بارتفاعها أكثر، "البطاطا 400- كوسا 250- باذنجان 250- بندورة 350- خيار 300".
المواد التموينية.. نار
ووفق الجريدة المذكورة، فإن أسعار المواد التموينية ارتفعت بشكل كبير: "السكر والرز والبرغل والسمون والشاي والقهوة والحليب المجفف وغيرها، فقد شهدت هذه المواد ارتفاعات كبيرة بالأسعار خلال الأيام الماضية، وبالمقارنة مع العام الماضي أيضاً، وما زالت تسجل المزيد من ارتفاعات الأسعار، فالسكر مثلاً: كان بحدود 225 ليرة أصبح بحدود 300 ليرة، والرز وسطياً كان بحدود 450 – 500 ليرة، أصبح وسطياً بحدود 600 – 700 ليرة، وقس على ذلك".
اللحوم.. كان زماناً جميلاً
اللحوم ارتفعت أسعارها في أسواق العاصمة ومن الممكن أن تتواصل هذه الارتفاعات مع بداية الشهر الكريم وزيادة الطلب عليها، ولكن لـ "أبو محمد" رأي آخر يقوله لـ "اقتصاد": "قد نكون نسينا طعم اللحم البلدي، وأحياناً نملك الجرأة لتناول لحم العجل الذي هو أرخص وأكثر حضوراً على موائدنا فالكيلو يصل إلى 4000 ليرة أما الضاني فيراوح بين 6000- 6500 ليرة".
الدجاج أيضاً كانت له مشاكله منذ حوالي الشهر بعد ارتفاع أسعاره بسبب شلل قطاع الدواجن وإغلاق عدد كبير من المداجن، وهذا ما رفع أسعار الكيلو من الدجاج الحي إلى حوالي 1400 ليرة وهو حالياً بهذا الرقم بينما سعر المشوي وصل إلى 3200 ليرة سورية.
جوع كبير
قد يكون الأمر مبالغ فيه بالحديث عن الوصول لمجاعة تواجه السوريين، ولكن ضيق الحال وتوحش السوق ترك نسبة كبيرة من السوريين تحت حافة الفقر الغذائي بسبب عدم القدرة على شراء مستلزمات الحياة، وليس فقط رمضان بمتطلباته الكبيرة لاعتبارات تخص الشهر. ولكن السوري بأنفته التي بقيت من زمن الخوف يقول على لسان "أبو حسن": "رمضان كبير الله ما بينسانا".