النفط يوزع مجانا...ولا يباع

النفط يوزع مجانا...ولا يباع

بقلم  هاني الاصفر
أدى انهيار الطلب العالمي على النفط وتقلص سعة التخزين إلى الضغط على أسعار النفط منذ أن وضعت مجموعة أوبك + خطة جديدة استعادة "الاستقرار في السوق"  بعد ان القى العملاق السعودي قبضته الكاملة على اسواق النفط العالمي بأسلوب جعله صاحب كلمة
 وكما نوهت في مقاله سابقه من الفك السعودي النموذجي للسوق ، والذي أدى لتدمير الطلب وتخزين النفط مع عدم وجود زيادة في الطلب إلى حدوث انهيار تاريخي يسجل عالميا للمارد الاخضر الذي وجه رساله واضحه لكل اقتصاديين الكرة الأرضية ضاربا في خام غرب تكساس إلى منطقة سلبية يوم الاثنين.
اصبح لابد من اعادة تشخيص وضع هذه السلعه التي لا استطيع ان اطلق عليها اسم الذهب الاسود بعدما توشحت باللون الاحمر 

لتشخيص ما ستأوي اليه الامور يتوجب علينا ان نعود الى الوراء قليلا و دراسة سيناريو قديم يتوجب علينا مراجعته بدقه منتهيه و دراسة حيثياته وقد نستفيد منه في وضع تصور مستقبلي للوضع الحالي.
المملكه العربيه السعوديه فعلتها مرتين
مذكرا قطع النفط عن العالم في عام 1973 مما دفع رئيس الولايات المتحده في ذالك الوقت ان يعلن قانون توزيع النفط في حالات الطوارئ. وكان ذلك في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز ال سعود رحمه الله, وكانت تبعيات هذه الازمه فادحه جدا على الاقتصاد الغربي التي بقيت تعاني جراء انهيار 1973 الاقتصادي العالمي زيادة معدلات التضخم والتباطؤ الصناعي حتى نهاية السبعينات 
ليعود بنا التاريخ الى 2020 في عهد خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز ال سعود بإغراق الاسواق (عكس الاولى) تزامنا مع ازمه صحيه عالميه ردا على التعنت الروسي (بدعم اوروبي) مما يوجب علينا بحث تبعيات هذا الرد ومالذي ينتظر الاقتصاد العالمي هذه المره والى اين ستودي به هذه السيطرة السعودية المطبقة, يجعلني افكر مليا هل نحن بصدد قوة اقتصاديه جديده فرضت نفسها في السوق لتعيد ترتيب موازين القوى الاقتصادية من جديد!!

في بداية المطاف ، نحن نعي انه لا يزال السوق تحت رحمة الوباء. حيث يعيش عدة مليارات من الناس تحت إصدارات من الحظر. الضربات تستمر بالتوالي فقد انخفض الطلب على وقود الطرق في الهند بنسبة 50 في المائة ، على سبيل المثال. ويراجع المحللون بشكل متكرر توقعات النفط ، مع إدراك متزايد أن الصدمة على الطلب ستكون أطول مما كان متوقعًا في الشهر السابق أبريل على الأقل حيث  سينخفض الطلب بمقدار 29 مليون برميل يوميًا.

نقلت وكالة سبوتنيك عن المدير الإداري الحالي لمجموعة برانكو التي تعنى في مجال البحوث الاقتصادية وتختص بالتحديد في ملفات الطاقة قوله إن شركات النفط الأمريكية لديها تكاليف إنتاج مختلفة وأعباء ديون مختلفة ، وهي الحلقة الأكثر ضعفًا وبالأخص تلك التي اقترضت مراهنة على ارتفاع الأسعار, مطلقتا العديد من التحذيرات بشأن ارتفاع حالات الإفلاس والتي تأتي من العديد من خبراء الطاقة منذ بداية الازمه النفطيه شهر مارس الماضي حيث حذرت ريستيد انيرجي من أن ما يصل إلى 533 شركة نفط أمريكية ستفلس إذا ظل النفط عند حوالي 20 دولارًا للبرميل مطلقتا صيحتها السعودية قامت بتصفية السوق لمصلحتها. 
اما على صعيد الزيت الصخري قال أرتيم أبراموف ، رئيس أبحاث الصخر الزيتي في ريستاد ، إن "30 دولارًا سيئة بالفعل ، ولكن بمجرد أن تصل إلى 20 دولارًا أو حتى 10 دولارات ، يصبح كابوسًا كاملاً". وأضاف: "عند 10 دولارات ، سيتعين على كل شركة أميركية تقريبًا لديها ديون أن تودع السوق النفطي أو ان تنظر استحواذ سعودي عليها كنوع من انواع الفرص الاستراتيجية او بالأحرى طوق النجاة الوحيد المتوفر حاليا
قال فيليب جوردان ، نائب الرئيس في شركة بي دبليو للأبحاث لبلومبرج: "نحن نتطلع إلى ما بين خمس إلى سبع سنوات من النمو الوظيفي الذي قضى خلال شهر ما يجعل الأمر مخيفًا نوعًا ما هو أن هذه ليست سوى البداية. مايو لا يبدو جيدًا للنفط والغاز

بعد هذه المعطيات المقدمه اعلاه فإنني استطيع ترجمة الاحداث المستقبليه وبكل وضوح العملاق السعودي لم ينتهي من القاء قبضته على الاسواق هو يدرك تماما ان تخفيض الانتاج حسب اتفاقية اوبك والتي ستبدأ مفعولها مع بداية شهر مايو لن تأتي بالمفعول المنتظر مما سيزيد الامر سوءا و سيزيده استحواذا هو يعلم ان بقاء سعر البرميل مادون ال 30 دولار امريكي هو ابقاء للضغط و دعم قوي لسياسة الاستحواذ السوقي التي برع بممارستها وعليه فاصبح من الواضح جدا ان العملاق السعودي القى القبض على سوق الزيت الصخري والذي كان في السابق منافسه الاكبر وتبجح به العديد من رؤساء الدول الغربيه وعلى رأسهم دونالد ترامب لتنقلب هذه الموازين ويتم تجيير المنتج الصخري ليصبح ذو ملكيه سعودية

اتفقنا سابقا ان مستويات استهلاك النفط في العالم مرهونة بمدى السيطرة على ازمة الوباء فسرعان ما تبدأ الحياه بالعودة الى مساراتها الطبيعية مما سيدفع بالعودة لاستهلاك النفط وارتفاع مؤشرات الطلب من من؟ من العملاق السعودي الذي سيطر على هذا السوق ولم يترك فيه من المنافسين الا القليلين الذين لا حول ولا قوه فهو الان يملك كلا المصدرين العضوي و الصخري

بناءا على ما تقدم فإنني لا اتوقع ارتفاعات مشهوده في شهر مايو المقبل واراهن على ماسبق فان سعر البرميل في النصف الاول من شهر ماي سيعود الى مستويات مابين ال 25 الى 32 دولار وسيبقى سعر برميل النفط للنصف الثاني من شهر مايو مرهونا على امرين اساسين: 
الاول: نجاح تنفيذ اتفاقية اوبك + وانضباط اداءها (وهنا اتحفظ انا على ذلك واراهن انها قد تتعثر لمره الثانية ) 
الثاني: وجود تحسن في مستويات الاستهلاك النفطي المرتبط بالعودة التدريجية للحياة الطبيعية في بعض البلدان

ملخص عوده تدريجيه لمستويات 25-32 دولار للبرميل خلال الخمسة عشر يوما القادمة سيشوبها بعض التذبذبات السعرية الهابطه  في تداول الفترات الأمريكية تحديدا