الأردن.. مستقبل مجهول ينتظر طلبة سوريين في الجامعات

الأردن.. مستقبل مجهول ينتظر طلبة سوريين في الجامعات

ما زالت المشكلة الأكبر التي تعيق الطلبة السوريين في الأردن من الالتحاق بالجامعات هي ارتفاع الأقساط الجامعية وعدم كفاية المنح المقدمة على تنوعها واختلاف شروطها والاختصاصات التي تدعمها، فكيف إذا أضيف إليها إشكالية توقف بعض منح التعليم العالي عن استقبال الطلاب الجدد هذا العام؟

حول هذا الموضوع حاور "اقتصاد" الطالب السوري، محمود غنوم، الذي أوضح أنه أحرز معدل 98.4 في الثانوية العامة، وقد صُدم بتوقف المنح بشكل مفاجئ، فهدفه في دراسة الطب أصبح مستحيلاً, لأن تكلفة دراسة الطب في الجامعة الأردنية الحكومية  بحدود ١٣٠٠٠ دينار سنوياً (18500 دولار), وهذا الرقم يستحيل أن يستطيع تأمينه بدون وجود منحة دراسية له، وهو ليس الوحيد، فكثير من المتفوقين السوريين الآن لا يجدون منحاً لتساعدهم في إكمال تعليمهم الجامعي بالأردن.

وقد أشار طالب الرياضيات، سليم الأحمد، أن قصته بدأت عندما دفع له الداعم، القسط الأول، ووعده بمتابعة المشوار, ومضت السنة الأولى على عجل ومعها حقق أعلى معدل على الدفعة وانتقل للسنة للثانية وها هو على مشارف التخرج بامتياز. لكن وفجأة، توقف الدعم, فعمِل وكدح ودرس، ولكنه لم يستطع تسديد القسط الجامعي الذي تراكم ووصل حتى 2400 دينار (3400 دولار). وتقدم للمنح، الواحدة تلو الأخرى، ولكن لم يحالفه الحظ, والآن لم يعد قادراً على متابعة الدراسة.

 أما الطالبة السورية "مرام"، فقد أشارت إلى المصاعب العديدة التي تواجه اللاجئين لاستكمال دراساتهم العليا والحصول على منح دراسية، وأهمها الأمور المادية التي تقف عائقاً أمام أغلب اللاجئين لإكمال تعليمهم وخصوصاً الذكور، فمسؤولية إعالة عائلاتهم تمنعهم من الاستمرار في الدراسة, أما الطلاب الذين يدرسون فيواجهون صعوبة الدراسة باللغة الانجليزية، فيحتاجون إلى دورات اللغة للتحضير لدخول الجامعة، إضافة إلى العديد من التحديات التي تواجه اللاجئين أبرزها عدم تناسب عدد المنح الدراسية مع عدد اللاجئين الكبير.
 
تضيف مرام أن الجامعات الحكومية أبوابها مفتوحة للطلبة السوريين لكن أقساطها أغلى من الجامعات الخاصة بكثير لذلك يلجأ الطلاب للجامعات الخاصة فأقساطها أقل، وهناك جامعات ترتب خصماً مالياً للسوريين.

وقد ذكرت "مرام لـ "اقتصاد" بعض الرسوم للجامعات الخاصة بمختلف الاختصاصات، حسب إطلاعها:

دراسة الهندسة المدنية سنوياً بحدود ٥٠٠٠ دينار (7100 دولار).
دراسة الصيدلة سنوياً بحدود ٥٥٠٠ دينار (7800 دولار).
دراسة هندسة الاتصالات سنوياً بحدود ٥٠٠٠ (7100 دولار).

بدورها، توضح الطالبة شذى القاسم لـ"اقتصاد" أن ما حصل معها ومع كثير من الطلاب هو الأسوأ حيث تم تقديم منحة من منظمة أهلية من خلال داعم، وكانت هي وبعض زملائها من المقبولين لتدرس السنة الأولى والثانية في كلية الصيدلة ليتم إخبارها لاحقاً بأن المنحة توقفت. 

تضيف شذى أن توقف بعض المنح يشكل نذير شؤم للطلاب، ويخلق لديهم حالة من الاحباط، تدفعهم إلى الابتعاد عن الدراسة والتحصيل العلمي.

وفي نفس السياق حاور "اقتصاد" الأستاذة في جامعة الزيتونة الأردنية، ناهد غزول، التي تحدثت عن حالة من التخبط والضياع تسود أوساط بعض الطلاب السوريين بخصوص مستقبلهم الدراسي. فتوقف معظم المنح، يعني القضاء على مستقبل كثير من الطلبة السوريين، فحتى الدبلومات المهنية لم يتم طرحها للطلاب السوريين الذين لم يحصلوا على توجيهي أو معدلهم لا يسمح لهم بدخول الجامعة، "وهذا خطير جداً. على الأقل أن يتعلم الشاب السوري مهنة تقيه شر السؤال".

وعلى صعيد توقف المنح التعليمية للاجئين السوريين، كان هناك استثناء تمثّل في مشروع الليزر المموّل من الاتحاد الأوروبي والذي وفّر 200 مقعداً للسّوريين والأردنيين للدراسة لمدة عامين في كلية الخوارزمي في الأردن. وهذه الدورات عبارة عن شهادات تتيح الحصول على دبلوم التقني وفنّي بنظام الدّوام الكامل. وتغطي المنحة تكلفة الرسوم الدراسية، رسوم التسجيل، والكتب والمواصلات.

وفي نفس السياق، تضيف ناهد غزول أن "المصائب لا تأتي إلا مجتمعة"، فمنحة "الحكير" لمخيم الزعتري لم تعلن عن البدء باستقبال الطلاب حتى الآن, إضافة إلى أن منحة كويتية من خلال اليونسكو للطلاب السوريين في جامعة اليرموك قد توقفت, وكذلك توقفت معظم المنح الجامعية منها  HOPES  و  "EDU-Syria، في مرحلتها الثانية، وبعد مراجعة الاتحاد الأوربي تبين أن المنحة توقفت حالياً ولا يعلم أحد إن كانت ستُستأنف قريباً أم لا.

وفي حالات خاصة لبعض الطلبة السوريين في السنة الأخيرة من الدراسات العليا، والذين واجهوا نقصاً في الدعم المالي وعدم توفر السيولة النقدية مما وضع مصيرهم على المحك، تم طرح المشكلة مع المسؤولين عن منحة HOPES واللذين كان تجاوبهم جيداً، وتم قبول تمويل بعضهم. 

وختمت ناهد غزول حديثها بأن 70 بالمئة من اللاجئين السوريين في الأردن هم من الشباب والنساء وهذا يعني أن شريحة كبيرة ستكون غير متعلمة, فمن وجهة نظرها الحل يبدأ ببحث الحلول، بعد الكشف عن أسباب توقف الدعم، وإيجاد البدائل، "كي لا نغامر بمصير جيل كامل".