سوريّ يساعد سائقي الشاحنات من اللاجئين في إيجاد عمل بهولندا

سوريّ يساعد سائقي الشاحنات من اللاجئين في إيجاد عمل بهولندا

يواجه الكثير من اللاجئين السوريين الجدد في هولندا صعوبات جمة في العثور على عمل بسبب عدم اتقانهم للغة البلاد، رغم وجود فرص عمل كثيرة لهم، ولأجل ذلك أطلق اللاجئ السوري "أنس راغب" مبادرة باسم Mpowerment أي "التمكين" تهدف لمساعدة هؤلاء في إيجاد فرص عمل تناسب خبراتهم ومؤهلاتهم وبخاصة لسائقي الشاحنات.

 ووفق التصنيف الأوروبي والهولندي جاءت مهنة سائقي الشاحنات في المرتبة الخامسة بين 36 مهنة الأكثر طلباً في هولندا عام 2018 إلى جانب العاملين في مجال النجارة والسباكة والعاملين في مجال ميكانيكا الآلات الزراعية والصناعية، وعمال النظافة في الفنادق وما شابه.

وكان "راغب" المولود في دمشق عام 1975 قد درس اللغة الإنكليزية ونال شهادة جامعية من جامعة دمشق بالإضافة إلى دبلوم عالٍ في السياحة، وعمل في عدة شركات منها في السوق الحرة و"سيريا تل"، وانتقل بعدها إلى دبي حيث عمل في شركات أزياء عدة لمدة سبع سنوات، وفي العام 2011 عاد إلى سوريا وبسبب الأوضاع التي طرأت على المجتمع السوري اضطر للعمل في مجال تدريس اللغة الإنكليزية إلى العام 2015.

وبسبب ظروف الحرب اضطر راغب للجوء إلى هولندا التي وصلها في أيلول/سبتمبر عام 2015 وانتظر لمدة تسعة أشهر إلى أن حصل على الإقامة، وكانت هذه الفترة كما يقول لـ اقتصاد"، صعبة لعدم تمكنه من العمل أو الدراسة، وفي منتصف العام 2016 نال الإقامة وحصل على لم شمل لعائلته أواخر العام ذاته.

 ودرس راغب -كما يقول- اللغة الهولندية في إحدى الجامعات الهولندية لتكون دراسته أكاديمية، وتمكّن خلال سنة من اجتياز أربع مستويات في اللغة الهولندية، وبات قادراً على التفاهم مع المجتمع المحيط بطريقة لا بأس بها-حسب قوله-.

في بداية العام 2017 انضم الشاب القادم من دمشق إلى مشروع تطوعي لمساعدة اللاجئين وخصوصاً الشباب في مؤسسة Inpiratie Inc. بمدينة ألميرا حول ريادة الأعمال الاجتماعية.

 ويهدف المشروع-كما يقول- إلى مساعدة فئة اللاجئين الشباب على شق طريقهم في مجتمع وبلد جديدين، والأخذ بيدهم لاختيار الأفضل، إما من ناحية الدراسة أو التدريب أو العمل. وكان هناك حوالي 33 لاجئاً تم مساعدة 15 منهم للارتباط بالخيار الذي طلبوه سواء كانت دراسة أو فترة تدريبية لمدة ستة أشهر وشخصين منهم ارتبطا بأعمال أحدهما بالهندسة المعمارية والثاني بشركة محاسبة. وامتد المشروع –كما يقول محدثنا- إلى مطلع 2018 اكتسب خلالها خبرة جيدة بالتعامل مع البلديات في هولندا بالإضافة للتعامل مع اللاجئين الذي جاءوا إلى مجتمع جديد ولا يملكون معرفة أو خبرة في كيفية بدء حياتهم من جديد.

 


 ولفت راغب إلى أن هذه الخبرة وجدها مع قليلي التعليم أكثر من المتعلمين، ولاحظ –حسب قوله- أن الناس المهنيين والحرفيين يواجهون صعوبات أكثر من أصحاب الشهادات بسبب صعوبة اللغة وبعدهم عن المجتمع الهولندي وضعف الاندماج وهذا ما يجعل فترة الاندماج تطول. ولذلك قرر -كما يروي- إنشاء مؤسسة تدريبية في مايو أيار 2018 تتولى مساعدة اللاجئين في الحصول على الشهادات المناسبة التي تسمح لهم بالبدء بعمل مدفوع الأجر في هولندا.

 ولفت محدثنا إلى أن الهدف من مبادرته مساعدة القادمين الجدد بالحصول على التأهيل المناسب والرخصة المناسبة للعمل ومن ثم ربطهم بعقد عمل مدفوع لمدة سنة على الأقل، لافتاً إلى أن صعوبات جمة واجهته في بداية تأسيس المشروع وخصوصاً في موضوع البلديات والتعامل معها والقطاع العام عموماً وشيوع البيروقراطية، إضافة إلى عدم الثقة بالقادمين الجدد وهو واحد منهم -كما يقول- في أن ينشؤوا مشاريع ناجحة بفترة لا تتعدى الثلاث سنوات.

 وكشف محدثنا أن شبكة معارفه في هولندا كانت بسيطة جداً وهذا أحد التحديات وخصوصاً عند الوصول إلى مرحلة توقيع العقد مع الشركات والبلديات.
 
راغب الذي يسكن في بلدة Weesp القريبة من امستردام أشار إلى أنه لجأ قبل البدء بالمشروع إلى دراسة حاجة السوق للأشخاص والمهن ووجد أن قطاع النقل وقطاع التوصيل-كما يقول- يعانيان نقصاً كبيراً في اليد العاملة وأن هناك طلباً شديداً على سائقي الشاحنات.
 
 وأشار راغب إلى صعوبات أخرى واجهته في مشروعه Mpowerment ومنها ضعف اللغة الهولندية لدى المتقدمين حيث كان لديه قائمة بأكثر من 100 شخص يرغبون بالعمل ولديهم خبرة سابقة في قيادة الشاحنات، ولكن ضعف اللغة الهولندية لديهم حالت دون توظيف أعداد كثيرة منهم فالحصول على شهادة القيادة الهولندية يفرض على المتقدم أن يكون ملماً بالمستوى الثاني من اللغة Ato atfe ولهذا السبب معظم الأشخاص لم تكن لغتهم مناسبة لهذا العمل، وكان الحل –كما يقول- بأن تقدم المؤسسة لهم بعض الدعم اللغوي وكان لابد من وضع بعض الشروط للمتقدمين –بحسب محدثنا- ومنها الحصول على رخصة قيادة سيارة عادية. 

وأكد راغب أنه يتعامل مع عدة مدارس وبلديات للحصول على رخصة القيادة وحاول-كما يقول- التعامل مع شركات توظيف ولكنه فضّل التعامل مع الشركات التي تقدم عقد العمل بشكل مباشر للحفاظ على حق المتقدم للعمل، وقطع الطريق على الأشخاص الذين يستغلون القادمين الجدد بإعطائهم رواتب أقل من باقي شرائح المجتمع. 

وتمكن شخص لاجىء من الحصول على الشق النظري من الشهادة -بحسب مطلق المشروع- مشيراً إلى أن اللاجىء المذكور سيقدم القسم العملي خلال الأسبوعين القادمين وسيكون مهيئاً للعمل في شباط القادم.

 وكشف محدثنا أنه وقع عقداً من أجل السائق مع شركة هولندية للنقل للعمل حوالي أربعين ساعة في الأسبوع وهو نظام العمل في هولندا لمدة سنة كاملة، لافتاً إلى أن هناك دفعة ستبدأ خلال الشهر الحالي ( كانون الثاني) وهي عبارة عن خمسة أشخاص من سائقي الشاحنات وتم توقيع عقد مع شركة هولندية أيضاً لتقديم فرص عمل لهؤلاء الأشخاص، ومن المتوقع أن يبدؤوا بالعمل خلال شهر آذار القادم، وستقوم الشركة بمساعدتهم بالحصول على شهادة قيادة وتتولى مؤسسة Mpowerment تقديم الدعم الثقافي واللغوي لمدة سنة بالاتفاق مع البلدية الخاصة بهم. 

وأبان محدثنا أن التركيز حالياً على سائقي الشاحنات بشكل أساسي بسبب الطلب الكبير على هذه الفئة من المهنيين والدخل الذي يحصل عليه السائق منهم يفوق 30% الدخل الذي يحصل عليه من الضمان الاجتماعي، ولذلك بدأ المرحلة الأولى من مشروعه بمساعدة هؤلاء المهنيين بالحصول على شهادة القيادة الأوروبية والهولندية خاصة، ومن ثم ربطهم بعمل مدفوع في شركة نقل هولندية.

 وأعرب راغب عن توقعه بتوظيف حوالي 25 سائقاً في شركات هولندية وعند البدء بالدفعة الثالثة أو الرابعة سيتم التوجه لقطاع آخر وربما يكون كما يقول قطاع البناء والإكساء بسبب الحاجة الكبيرة لعمال بناء في هولندا وهناك –كما يشير – أشخاص كثر لديهم خبرة في قطاع البناء.