ما هي العوامل الداعمة لصمود الليرة التركية أمام التهديدات؟

ما هي العوامل الداعمة لصمود الليرة التركية أمام التهديدات؟

تناول تقرير بصحيفة "عربي21" الإلكترونية، العوامل التي ساهمت في دعم صمود الليرة التركية أمام العقوبات الأمريكية وتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحالت دون تكرار ما حدث في آب/أغسطس 2018.

وأشار التقرير إلى أن سعر صرف الليرة التركية ظل محط أنظار الكثير من المستثمرين والمؤسسات الدولية، عقب إطلاق عملية "نبع السلام" بسوريا، وسط مخاوف من انهيار قيمتها على غرار ما حدث في آب/ أغسطس 2018.

وأوضح أن مخاوف المستثمرين، دعمتها التهديدات المتلاحقة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خزانته ستيفن منوشين، وتوعدهما بـ"محو الاقتصاد التركي"، وقرار الإدارة الأمريكية بإدراج 3 وزراء أتراك ووزارتين تركيتين على لائحة العقوبات.

وينقل عن الباحث الاقتصادي، أحمد مصبح، تأكيده على وجود عدة عوامل (سياسية واقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي) جعلت تركيا اليوم أكثر صلابة في مواجهة الأزمات مقارنة بالعام الماضي.

ولخص مصبح تلك العوامل في مجموعة من المتغيرات التي شهدها الاقتصاد التركي على مدار العام الماضي، أبرزها تراجع حدة الحملة الممنهجة للتشكيك في الاقتصاد التركي بدعم من تقارير دولية سلبية تم إصدارها بشكل مكثف وغير مبرر عن الاقتصاد التركي خلال العام الماضي، وخاصة ما يتعلق بالتصنيفات الائتمانية.

وأعربت تركيا مرارا عن استيائها من التقارير السلبية الصادرة عن مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية حول الاقتصاد التركي، واتهم أردوغان تلك المؤسسات بأنها ترفع تصنيف دول منهارة، وتخفض تصنيف دول ذات اقتصادي قوي لأسباب سياسية.

وتابع: "من هذه المتغيرات أيضا، انحسار ضبابية السياسة النقدية بعد عزل محافظ البنك المركزي وانتهاء الصراع الدائر مع مؤسسة الرئاسة التركية حول تحريك أسعار الفائدة، والذي بلغ أشده خلال فترة الأزمة، قبل أن يتم رفعها لنحو 24 بالمئة لامتصاص الصدمات التي تعرضت لها الليرة".

وأكد مصبح أن تحسن مؤشرات اقتصادية كالهبوط التدريجي لمعدلات التضخم وأسعار الفائدة، وانخفاض عجز الحساب الجاري (بارتفاع حجم الصادرات وتراجع الواردات) دعم الليرة، وأعطى العملة التركية مساحة أكثر للاستقرار.

وأعلنت هيئة الإحصاء التركية في 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري انخفاض معدل التضخم السنوي، مسجلا 9.26 بالمئ خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، ليعود التضخم مجددا إلى خانة الآحاد، للمرة الأولى منذ يوليو/ تموز 2017.

وقال أردوغان خلال كلمته بالمؤتمر الـ 29 لاجتماع التشاور والتقييم لحزب "العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة: "سنخفض التضخم لأقل من 5 % والبطالة إلى دون 10%، في نهاية البرنامج الاقتصادي الجديد لفترة 2020 - 2022 ، التي أعلنا عنها في الأيام الماضية". 

ولفت أردوغان إلى أن قيمة صادرات بلاده بلغت 170 مليار دولار (خلال الـ12 شهرا الماضية)، واقترب عدد السياح من 50 مليون سائح.

وأشار إلى انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات معقولة عبر التدخلات المناسبة والصحيحة من قبل البنك المركزي، مضيفا: "سوف تنخفض أكثر". 

مصبح لفت إلى أن اختفاء التوتر الدبلوماسي بين تركيا وبعض الدول الكبرى، ساهم أيضا في طمأنة واستقرار سوق الصرف، مستدركا بالقول: "العام الماضي دخلت تركيا في عدة أزمات دبلوماسية وعلى رأسها أزمة القس الأمريكي إلى جانب بعض التوترات السياسية مع بعض الدول الأوروبية".

واعتبر الباحث الاقتصادي أن الإدارة التركية أصبحت أكثر مهارة وصلابة في التعامل مع إدارة الأزمات وخاصة تهديدات ترامب، وتغريداته ضد الاقتصاد التركي، بخلاف ما حدث في ظل أزمة القس الأمريكي. 

بدوره قال رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، عبد المطلب إربا، إن تركيا بعد تحولها إلى النظام الرئاسي تم توحيد كافة مؤسسات الدولة خاصة المؤسسات الاقتصادية. 

وهذا انعكس على بالإيجاب خطط الحكومة وتكامل إجراءاتها على الصعيد الاقتصادي، فضلا عن تشديد الرقابة الحكومية على المؤسسات المالية والمصرفية لضمان عدم التلاعب.

وأضاف إربا أن "تركيا الآن في مرحلة اقتصادية قوية جدا، وتتجه البلاد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنوع في الإنتاج والاعتماد على التصنيع المحلي والبحث عن أسواق وخيارات بديلة، إلى جانب أن الشعب التركي أصبح أكثر وعيا عن السابق، كما أن تركيا أصبحت ملاذا آمنا للاستثمار العربي والإسلامي".

وأشار إلى أن تركيا في السابق لم تكن مستعدة للهجمات الاقتصادية التي تعرضت لها في أوقات سابقة، لكنها اليوم لديها جاهزية واستعداد لمواجهة أي هجمات محتملة.