محتجزون سوريون في مصر مستمرون في الإضراب عن الطعام منذ 20 يوماً

محتجزون سوريون في مصر مستمرون في الإضراب عن الطعام منذ 20 يوماً

منذ أكثر من 20 يوماً، أعلن السجناء السوريون والفلسطينيون السوريون، في سجن كرموز بالاسكندرية، إضراباً عن الطعام، بعد مرور 100 يوم من احتجازهم، احتجاجاً على ما يعانونه، وفي محاولة للفت أنظار العالم إلى مأساتهم.

كيف بدأت القصة؟
في آواخر شهر تشرين الأول الماضي، انطلقت رحلة مئة وأربعة سوريين وفلسطينيين سوريين، من مدينة مرسين التركية، قاصدين السواحل الايطالية، ومنها إلى الدول الأوروبية، بحثاً عن حياة ومستقبل أفضل.
كانوا على متن قارب صيد صغير، بينهم خمسة عشر طفلاً، واثنا عشرة امرأةً، لكنَّ الرياح جرت بما لا تشتهي سفينتهم، حيث انتظروا في عرض البحر لعدة أيام، بسبب خلاف حصل بين المهربين.
يقول أحد المهاجرين السوريين المحتجزين حالياً في سجن كرموز: "بقينا 11 يوماً في عرض البحر، أخذونا فيما بعد إلى إحدى الجزر المصرية، وطلبوا منا النزول إليها تحت تهديد السلاح، في البداية رفضنا، لكن عندما رموا أربعة أشخاص في المياه، رضخنا للأمر الواقع ونزلنا، وطلبنا منهم أن يعطونا هاتفاً لنتصل بخفر السواحل كي ينجدنا".
بعد أن صاروا على الجزيرة، اتصلوا بالسلطات المصريةِ وخفرِ السواحل، الذي وصل اليهم وأنقذهم.
في منطقة أبو قير بشاطىء الإسكندرية استقبلتهم السلطات وتم التحقيق معهم، وتنظيم ضبط رسمي، وكانت التهمة "هجرة غير شرعية"، وبجهود المحامي المصري يوسف المطعني، الذي اطلع على ملفهم، تم تحويل القضية إلى "هروب من نزاع مسلح".
يؤكد المطعني في حديثه لروزنة، أن "المعتقلين يعاملون معاملة جيدة من قبل السلطات المصرية، ولكن مر أكثر من مائة يوم على احتجازهم، ولم يتغير شيء من وضعهم، وخصوصاً أنهم أخذوا وعوداً بإعادة التوطين، لكن لا فائدة حتى الآن".

أين الائتلاف؟
في بداية فترة الاحتجاز، كان هناك تخوفاً لديهم بأن يتم ترحيلهم إلى سوريا، وخصوصاً أن قسماً منهم مطلوب للنظام، وهنا صدر قرار من النيابة العامة المصرية، بإخلاء سبيلهم، لكن الأمن الوطني قرر تسفيرهم من البلاد.
وبالفعل تم تسفير السوريين الذين يحملون جوازات سفر سارية المفعول إلى  تركيا، بناء على طلبهم، فيما بقي حتى الآن من يمتلكون جوازات غير صالحة، وهم أكثر من 70 شخصاً، سوريين وفلسطينيين سوريين.
تلك الإجراءات، دفعت عدداً من المحتجزين، إلى التواصل مع قسم حقوق الإنسان في اللجنة القانونية للائتلافِ السوري بالقاهرة، حيث قام باعداد ملف متكامل وتم تقديمه للمنظمات الدولية المختصة باللاجئين وحقوق الإنسان، للعمل على إعادة توطينهم في بلد أجنبي، بعد رفض تركيا استقبالَهم، وتمنع السلطات المصرية عن إطلاق سراحهم، بحسبِ المحامي فراس الحاج يحيى.
يتابع الحاج يحيى: "هذه القضية ينطبق عليها بحسب اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين لعام 1951، تنطبق عليهم المادة 31، 32، 33، حيث تقول المادة 31، اذا شخص دخل إلى بلد بطريقة غير شرعية، عليه أن يتقدم فوراً للسلطات ويطلب حق اللجوء"، مضيفاً:"وتقول المادة  32 إنه يحق للدولة أن ترفض هذا الطلب، أما المادة 33 فتؤكد أن على الدولة التي ارتأت أن ليس لديها رغبة لاستقبال اللاجئين على أراضيها، أن تمنحهم مدة كافية لحين ايجاد دولة ثالثة للسفر إليها".
ويشرح الحاج يحيى "هم بانتظار إعادة التوطين، راسلنا مفوضية اللاجئين في مصر والصليب الأحمر واليونيسف، باعتبار أن هناك أطفال بين المحتجزين، وتم رفع ملفاتهم إلى أكثر من سفارة أوروبية لقبولهم ، لكن حتى الآن لم يتم قبول أو رفض هذه الملفات".

 

الإضراب مستمر
يتحدث أحد المحتجزين السوريين لروزنة، واصفاً حالهم داخل السجن قائلاً: "نحن هنا لا نرى الشمس، تعبنا، نعاني من أمراض صحية، وأمراض سارية كالجرب بسبب وضع الحمامات السيء، كمان أننا نستحم بالماء البارد".
بعد مرور أكثر من 20 يوماً على الإضراب، أصيب بعض المحتجزين بحالات إعياء شديد، وتم نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج.
السفارة السورية في القاهرة التابعة للنظام، تدخلت بعد الاضراب بضغط من الخارجية المصرية، وقدمت  بعض الحلول للمحتجزين السوريين، مثل اعطاءِ وثائق سفر، ولكن يبقى التخوف عندهم من أن يتم ترحيلهم إلى سوريا، وخصوصاً أن بينهم أشخاصاً مطلوبين للنظام.
يقول المحامي فراس الحاج يحيى: "نحن في الائتلاف نتابع الوضع، وفي حال ستتم هكذا خطوة، سنطلب ضمانات من الخارجية المصرية والأمم المتحدة، بحيث يعطى السجناء السوريين جوازات سفر صالحة، ويكون حجز الطيران إلى تركيا، حتى لا يتم استدراجهم إلى لبنان وتسليمهم للسلطات السورية".

وضع الفلسطيني السوري أصعب!
وضع الفلسطينين السوريين، يبدو أصعب، لأن السوري في حال تمكنه من الحصول على جواز، فبإمكانه السفر إلى تركيا، أما الفلسطينين، فلا تفتح أي دولة أبوابها لهم.
"لا يوجد ولا بلد يستقبلنا، نحن نملك جوازات سارية المفعول لكن لا أحد يستقبلنا" يقول أحد المحتجزين الفلسطينيين، ويضيف:" نحن لن نرضى ولا يناسبنا أي حل سوى اعادة التوطين، نحن خرجنا من بلدنا ولا نملك شيئاً، تعرضنا لعملية نصب واحتيال، وعائلاتنا بانتظارنا ليس لديهم أحد سوانا".

ما الحل؟
منظمات مدنية مصرية ودولية، حاولت ايصال صوت المحتجزين، والمساعدة في تسليط الضوء عليهم.
ابرآم لويس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري، كان أحد المتابعين لوضعهم، وتحدث لروزنة عن ما وصفه بالحل  الأمثلِ لهم، وهو التدخل العاجل من مفوضية شؤون اللاجئين أو منظمة الهجرة أو الاتحاد الأوروبي، لإعادة توطينهم.
أكثر من 120 يوماً مروا على المحتجزين، وهم ضحايا المهربين وسماسرة البحار، كان حظهم جيداً أنهم نجوا بأرواحهم، ولكنهم لم يصلوا إلى الشواطئ الأوروبية شمال المتوسط، بل باتوا وراء القضبان، في معاناة ربما تطول.
وكانت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أعلنت نهايةَ العام الماضي، أن نحو 3500 مهاجر غير شرعي، قضوا في البحر المتوسط خلال عام 2014، مشيرةً إلى رقم قياسي وصل لثلاث 348 ألف شخص، شرعوا من بداية العام الماضي، في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر هرباً من بلدانهم، وصل إلى أوروبا أكثر من 207 آلاف.