معين فلاحة وقصة نجاح في السويد

معين فلاحة وقصة نجاح في السويد

لم ينتظر معين فلاحة اللاجىء السوري الذي وصل هو وعائلته الى السويد قبل عشرة أشهر فقط، أن تطرق فرص العمل بابه، بل حاول مجتهداً بالإعتماد على خبراته في الهندسة المعمارية، إستدراجها إليه والبحث عما يناسبه وما يمكن أن يوظف فيه إمكانياته الواسعة في هذا المجال.
قدم فلاحة مشروعاً معمارياً، يتضمن بناء نحو ألف وحدة سكنية في منطقة ساندين بجزيرة فينشبوري التي يقيم فيها، وقد لاقى المشروع ترحيباً واسعاً من قبل المجلس البلدي الذي يترأسه حزب المحافظين.
يقول فلاحة : "خطرت الفكرة لي أثناء بحثي المستمر في منطقة فينشبوري عن طريق غوغول إيرث، للحصول على سكن فيها، وإكتشف إن الموقع مميز ولم يجر إستغلاله معمارياً بشكل جيد، وإن هناك فرصة لبناء مئات الوحدات السكنية التي قد تساعد كثيراً في أزمة السكن".
وصل فلاحة وعائلته في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وخلال أربعة أشهر فقط تمكن من الحصول على عمل، كما إنه أنهى دراسة اللغة السويدية للاجئين في أربعة أشهر، فيما لا زال مستمراً بمواصلة تعلم اللغة حتى التمكن منها.
يقول: " فكرت كثيراً في عمل مشروع كالمشاريع التي كنت أنجزها في دبي، وكنت أتحدث مع أصحابي عن الفكرة التي راودتني حول المنطقة التي أسكن فيها، وهم بدورهم عرفوني بأفراد في حزب المحافظين، أعجبوا بالفكرة وتبنوها، وأخبروني إن الفكرة قديمة وأني قمت بإحياءها من جديد".
يصف فلاحة تفاعل المسؤولين في البلدية مع الفكرة التي قدمها بالإيجابي جداً جداً، وإنهم حاولوا دعمه وتشجيعه، مشيراً الى أن جزءا من رغبته في المشروع، يأتي كرد جميل للسويد، البلد الذي إستقبل الآف من اللاجئين السوريين.
كما يسعى من مشروعه الى توظيف خبراته وتأكيد طموحه في أن يكون شخصاً منتجاً ومفيداً في المجتمع الذي يعيش فيه ويساهم في بناءه.
وحول المنطقة التي يتضمنها مشروعه، يقول: لها إطلالة بحرية رائعة جداً، وتضم حالياً ميناءً قديماً ومستودعات، لذا يمكن إجراء توسع معماري، كما إن الفيضانات التي تهدد المنطقة والتي يرى البعض إنها قد تشكل حجر عثرة أمام بناء وحدات سكنية فيها، لا تعطل المشروع كما يعتقد، لإنه من الممكن رفع منسوب الأرض وزيادة عوامل الحماية فيها، مستنداً في فكرته على المباني التي يجري تشيدها بجانب البحر.
لم يتوقف فلاحة منذ وصوله السويد عن البحث عن فرصة عمل بتفائل وعزيمة.
يقول: كنت أبعث بسيرتي الذاتية للأعمال التي أراها مناسبة لي وضمن مجال عملي، وأضمن فيها خبراتي السابقة في هذا المجال، بعض الطلبات التي كنت أتقدم بها كانت ترفض، بسبب عدم إجادتي للغة السويدية، في حين وافق آخرون على إجراء مقابلة معي، معتمداً على اللغة الإنكليزية التي أجيدها، حتى حصلت على فرصة عمل مع الشركة التي أعمل فيها حالياً.
عمل فلاحة بمكتب للمشاريع المعمارية بدبي تسعة أعوام ومن خلاله أنجز مشاريع عدة في عمان ودبي وكردستان العراق، ما أكسبه خبرة واسعة في هذا المجال، أبعدت عنه اليأس في الحصول على العمل، وجعلته متفائلا في كل المحاولات التي قام بها.
لم يكتف فلاحة بدراسة اللغة السويدية من المدرسة فقط، بل يحاول قدر الإمكان تعليم نفسه بنفسه من خلال قراءة المقالات المنشورة بالصحف السويدية وترجمة ما يصعب عليه من كلمات، مختصراً بذلك الوقت، كما إنه يسعى الى الإرتقاء بعمله الهندسي الحالي وتطوير مهاراته، بإضافة المزيد من الإمكانيات والمعارف المتوفرة بكرم في السويد.
يقول فلاحة، إن العمل مع السويديين ممتاز، وإن الشركة التي يعمل فيها حالياً، شجعته كثيراً على العمل وعلى تعلم اللغة السويدية، سواء بمنحه الوقت الكافي للذهاب الى المدرسة أو من خلال زملاءه في العمل، الذين يساعدونه في الحديث بالسويدية بدلاً من الإنكليزية.
ورغم إن فلاحة يملك مهنة وخبرات قد لا يملكهما كثيرون، والتي بالتأكيد ساعدته كثيراً في الحصول على عمل والإنخراط في المجتمع السويدي، الا إن ما إستند عليه بشكل أساسي، كان إصراره على البحث عن عمل وتفاؤله في إيجاد ذلك.
يقول فلاحه: دائماً كنت متفائلا في إنني ساحصل على عمل في السويد حتى قبل وصولي اليها. التفاؤل مهم جداً، والسويد، بلد مفتوح فيه فرص كثيرة، تتطلب فقط من يكتشفها ويعرف التعامل معها، لافتاً الى أهمية أن يكون اللاجئين أعضاء فعّالين ومنتجين في مجتمعهم الجديد.