مخيم باب السلامة مهدد بكارثة إنسانية .. و رغبة تركية في إبعاده عن المعبر الحدودي

مخيم باب السلامة مهدد بكارثة إنسانية .. و رغبة تركية في إبعاده عن المعبر الحدودي

لا يختلف وضع مخيم «باب السلامة» الحدودي مع تركيا كثيرا عن غيره من مخيمات اللاجئين السوريين، لجهة ندرة المواد الغذائية وفقدانه للحد الأدنى من متطلبات الحياة، لكن المشكلات التي تعاني منها العائلات، لا سيما الأطفال، تنذر بكارثة إنسانية إضافة إلى تخوّف من انتشار الأمراض في صفوف الأطفال.
وما يزيد الوضع سوءا على أبواب الشتاء أن مصير هذا المخيم، وبعد سنتين على إنشائه، قد يكون مرتبطا بنتائج معركة حلب التي يحاول النظام من خلالها استعادة السيطرة على المنطقة، الأمر الذي سيضع العائلات النازحة تحت الخطر مجددا، وهو ما يشير إليه وزير الاتصالات والنقل في الحكومة المؤقتة ياسين النجار، لافتا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحكومة التركية ترغب في نقل المخيم إلى مكان آخر لوجوده داخل «حرم المعبر» خوفا على سلامة الأهالي. ويلفت النجار إلى أن وزارته قامت أخيرا بتعبيد طرقات «الطين» في المخيم بالبحض، منعا لتجمّع الأمطار، وتسهيل مرور السيارات، بعدما كانت غير صالحة حتى لمرور سيارة الإسعاف لنقل المرضى.
ويأوي مخيم باب السلامة 18 ألف شخص، بينهم 2441 يفتقرون إلى أي مأوى، وفق ما يقول محمد شكري، مدير عام شؤون اللاجئين في وزارة الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة، واصفا وضع «المخيم الحدودي بأنه من بين أفضل مخيمات اللاجئين السوريين». وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من المنظمات التركية، وبالتعاون مع إدارة معبر باب السلامة، قام بإنشاء مخيم جديد يحمل اسم «مخيم سجو» يبعد نحو 5 كيلومترات عن «مخيم باب السلامة»، وقد نقل إليه لغاية الآن نحو 150 عائلة على أن ينقل إليها عائلات أخرى في المرحلة المقبلة. ولفت شكري إلى أن هذا المخيم يتمتع بمواصفات جيدة من شأنها أن تريح إلى حد كبير اللاجئين.
وأشار إلى أن الجهات المعنية في الحكومة تبذل جهودا كبيرة على خط تحسين حياة اللاجئين، لكن المشكلة تبقى في عدم توفير اللازم، وأضاف: «المشكلة في عدم اعتراف المنظمات الدولية بالحكومة المؤقتة، والتعامل معها شريكا أساسيا، وبالتالي نبذل جهودنا للتعامل مع جمعيات ومتبرعين لتأمين مستلزمات اللاجئين في المخيمات قدر الإمكان».
وكان تقرير للائتلاف الوطني حول معاناة الأطفال في مخيم باب السلامة قد أشار إلى أن مخيم باب السلامة يفتقر إلى أهم تجهيزات الصرف الصحي، وسوء توزيع نقاط الحصول على مياه الشرب، الأمر الذي تسبب بأوبئة وأمراض، مشيرا إلى أنّ الخيام باتت عبارة عن هياكل خيام فقط، والبطانيات والحرامات الموجودة قليلة وغير كافية، حيث تلوثت معظمها بسبب غرق بعض الخيام، إضافة لعدم القدرة على غسلها، والمخيم بحاجة ماسة إلى هذه التجهيزات.
مع العلم أن قرابة 20 خيمة كانت قد غرقت بشكل كامل مع أول سقوط للأمطار قبل أسابيع قليلة، وتضررت 200 خيمة أخرى وغرقت بشكل جزئي. ومع اقتراب الشتاء، حيث قد تصل درجة الحرارة في هذه المنطقة إلى ما دون الصفر، لا يزال أطفال مخيم «باب السلامة» بانتظار من يتعهد بتقديم وسائل تدفئة لهم، وذلك بعدما كان في العام الماضي هناك نقص في التدفئة، فاضطر أهالي المخيم إلى استخدام مدافئ الفحم. وفي تقرير أصدره مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، قال الطبيب ناصر أبو الجود، وهو طبيب أطفال في المخيم: «الناس يهربون من الموت إلى الموت والذل، فالوضع العام سيئ جدا، خاصة الطبي منه، وهناك انتشار لأمراض كثيرة، خاصة مرض اللشمانيا الجلدي، فقد تم توثيق أكثر من ألف حالة إلى الآن، والسبب الرئيسي في انتشار هذا المرض هو وجود شبكات صرف صحي مكشوفة منتشرة في وسط المخيم».
وأضاف: «المخيم يفتقر إلى أبسط أنواع الخدمات، وهنالك تخوفات حقيقية من انتشار أمراض معدية أخرى، منها مرض الكوليرا والتيفوئيد، كما أصيب العشرات بمرض الإسهال، وهناك أكثر من 10 حالات لنازحين مصابين بأمراض مزمنة وعلى رأسها مرض القلب والسكري، وليست لدينا القدرة على مساعدتهم».
ويصل عدد الأيتام الأطفال داخل المخيم إلى 400 طفل، يعمل معظمهم في معبر باب السلامة على نقل البضائع، أما عدد المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة منهم فهو 250 حالة، من بينهم 50 حالة بحاجة إلى متابعة ضرورية وبحالة خطرة على حياتهم. (الشرق الأوسط)