التوحد.. تشكيلة واسعة ومتنوعة للعلاج

التوحد.. تشكيلة واسعة ومتنوعة للعلاج

على الرغم من أن التوحد قد يسبب الإعاقة للمصاب إلا أن التشخيص والعلاج المبكرين يمكن أن يعززا إمكانية العيش باستقلالية عند الكبر، ولذلك لا بد من تعريف الأهل بالاضطرابات الإدراكية واللغوية التي توجه لاحتمال الإصابة بالتوحد، وبأهم خيارات المعالجة التي يمكن القيام بها.

ما العوامل التي تزيد خطر الإصابة بالتوحد؟

جنس الطفل: يعتبر الذكور أكثر احتمالًا للإصابة باضطراب طيف التوحد بحوالي أربع مرات عن الإناث.

التاريخ العائلي: إن العائلة التي لديها طفل واحد يعاني اضطراب طيف التوحد أكثر عرضة لولادة طفل آخر مصاب بالاضطراب، كما يعتبر من الشائع للوالدين أو أقارب الطفل الذي يعاني اضطراب طيف التوحد أنهم قد يعانون مشاكل طفيفة مع المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل.

اضطرابات أخرى: الأطفال الذين يعانون حالات طبية معينة لديهم مخاطر أعلى للإصابة باضطراب طيف التوحد أو أعراض مماثلة لأعراض هذا الاضطراب، وتتضمن الأمثلة الإصابة بمتلازمة الصبغي X الهش، والتصلب الحدبي، ومتلازمة ريت وهي حالة وراثية تصيب الفتيات بشكل حصري وتسبب تباطؤًا في نمو الرأس والإعاقة الذهنية واستخدام اليدين دون هدف.

الولادة قبل اكتمال فترة الحمل: قد يكون الأطفال المولودين قبل مرور 26 أسبوعًا على الحمل أكثر عرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد.

عمر الأبوين: قد تكون هناك صلة بين الأطفال المولودين لأبوين أكبر سنًا والإصابة باضطراب طيف التوحد، وقد أظهرت دراسة أن الأطفال المولودين لرجال فوق سن الأربعين عامًا معرضون للإصابة بالتوحد أكثر بستة أضعاف من الأطفال المولودين لآباء تحت سن الثلاثين عاما، ويظهر من البحث أن لسن الأم تأثيرًا هامشيًا على احتمال الإصابة بالتوحد.

متى يجب على الأهل مراجعة الطبيب؟

عادة ما يظهر على الأطفال المصابين بالتوحد بعض علامات تأخر النمو قبل بلوغ الثانية من العمر، وعند شعور الأهل بقلق حيال نمو الطفل أو الاشتباه في إمكانية إصابته باضطراب طيف التوحد، تجب مراجعة الطبيب، ويجب إجراء اختبارات النمو لتحديد ما إذا كان الطفل يعاني تأخرًا في المهارات الإدراكية والاجتماعية ومهارات اللغة أم لا، إذا كان الطفل:

لا يستجيب بابتسامة أو بتعبير عن السعادة ببلوغه الشهر السادس.

لا يقلد الأصوات أو تعبيرات الوجه ببلوغه الشهر التاسع.

لا يتلعثم بالكلام أو يصدر صوتًا ببلوغه الشهر الثاني عشر.

لا يومئ بحركات، مثل الإشارة أو التلويح باليد، ببلوغه الشهر الرابع عشر.

لا ينطق كلمات متفرقة ببلوغه الشهر السادس عشر.

لا يلعب ألعاب “التخيل” أو التظاهر ببلوغه الشهر الثامن عشر.

لا ينطق عبارات تتألف من كلمتين ببلوغه الشهر الرابع والعشرين.

يفقد مهارات اللغة أو المهارات الاجتماعية في أي عمر.

كيف يتم تشخيص مرض التوحد؟

نظرًا لأن مرض التوحد يتراوح بين درجات عديدة جدًا من خطورة المرض وحدة أعراضه، قد يكون تشخيص التوحد مهمة معقدة ومركبة، إذ ليس هنالك ثمة فحص طبي محدد للكشف عن الحالة، ويستند التشخيص إلى السلوك، فتشخص الإصابة عند ظهور ستة أعراض على الأقل، من بينهم اثنان من أعراض الضعف النوعي في التفاعل الاجتماعي، وواحد على الأقل من أعراض السلوك المقيد والمتكرر، ويجب أن تكون بداية ذلك قبل سن ثلاث سنوات.

ويقوم طبيب الأطفال عادة بإجراء تحقيق أولي عن طريق تاريخ النمو والفحص الجسدي للطفل، ويتم إجراء التقييمات بمساعدة متخصصي التوحد، ويطلب عادة من الطبيب النفسي العصبي للأطفال تقييم السلوك والمهارات المعرفية، وذلك للمساعدة في التشخيص والتوصية بالتدخلات التعليمية.

تظهر أعراض وعلامات التوحد حول عمر الثلاث سنوات، ويستمر المرض مع الطفل طوال حياته، مع إحراز بعض التحسن مع التقدم بالعمر، ولا يوجد علاج شاف للمرض، ويقتصر الهدف من العلاج على جعل الأطفال التوحديين قادرين على الاندماج في المدارس الخاصة بهم، وتطوير علاقة هادفة مع أقرانهم وتعزيز إمكانية العيش باستقلالية في الكبر.

وفي الحقيقة، فإن تشكيلة العلاجات المتاحة لمرضى التوحد والتي يمكن اعتمادها في البيت أو في المدرسة متنوعة ومتعددة جدًا، وتشمل هذه العلاجات:

1- تشخيص وعلاج المشاكل العضوية المرافقة: عن طريق إجراء فحوص طبية موسعة تشمل جميع أجهزة الجسم للكشف عن أي خلل مثل خلل إفراز السيروتونين، أو السكريتين، أو وجود كميات زائدة من المعادن الثقيلة (الرصاص، الزئبق) في سوائل الجسم، أو نقص في بعض الفيتامينات، أو وجود طفيليات أو فطريات أو جراثيم، وقد وجد أن 10-15% من التوحديين تتحسن حالاتهم بعد علاج الخلل الذي يتم اكتشافه.

2- وضع برنامج غذائي خاص: يتضمن منع المأكولات التي تحتوي على الجلوتين (وهو بروتين القمح)  والكازئين (وهو بروتين الحليب)، فقد تؤدي الحساسية الزائدة على الجلوتين والكازئين إلى استجابة مناعية زائدة، فيهاجم الجسد خلاياه معتبرًا إياها خلايا غريبة، كما أن زيادة نفاذية جدار القناة الهضمية تؤدي إلى تسرب النواتج الاستقلابية للكازين والجلوتين إلى الدورة الدموية ثم إلى الدماغ، وهى مواد تشبه المورفينات في تأثيرها، محدثة الأعراض السلوكية التي نشاهدها على الأطفال التوحديين، ومنع هذه المأكولات يؤدي إلى عودة الاستجابة المناعية إلى المعدل الطبيعي، كما يقل المتسرب من نواتج تحلل الكازئين والجلوتين إلى الدماغ، ومن ثم تنخفض سلوكيات التوحد مثل التوتر والانعزالية عند الأطفال المصابين.

3- العلاج النفسي التربوي: عن طريق وضع الطفل في مدارس خاصة لمرضى التوحد لتدريبه على التواصل مع الآخرين والاندماج مع العالم الخارجي.

4- العلاج السلوكي: عن طريق تحفيز الطفل وتنمية مهاراته السلوكية واللغوية من خلال مراكز التأهيل والتدريب وعلاج أمراض النطق، إضافة لدور الأسرة أيضًا في البيت من خلال التحدث مع الطفل ولفت انتباهه بشتى الطرق واللعب معه وتعريفه على الأشياء مثل أسماء الحيوانات والفواكه والألوان وغيرها، ولابد من توفير برنامج لتدريب الأهل على تطبيق العلاج السلوكي في البيت لخلق تناسق بين الأساليب المستعملة في المدرسة والأساليب المستعملة في البيت ما يساعد على التسريع في اكتساب الطفل المهارات اللغوية والإدراكية والاجتماعية.

5- العلاج الدوائي: لعلاج فرط النشاط والقلق والاندفاعية والعدوانية ونقص القدرة على الانتباه وعلى التركيز، ومن الأدوية المستعملة Clomipramine،  Retalin، Risperidone.

وعادة ما يتحسن وضع الطفل في سن البلوغ إذا كان الأهل أو المجتمع المحيط به داعمين ومتعاونين ومتفهمين لوضعه،  فقد أشارت الدراسات إلى أن ثلثي الأشخاص التوحديين لا يتحسنون ويدخلون في فئة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين)، بالمقابل فإن 1-2% فقط منهم يعيشون حياة طبيعية ومستقلة، ويكونون قادرين على كسب رزقهم.