الأجبان السورية تحجز مكانها الخاص في السوق التركية

الأجبان السورية تحجز مكانها الخاص في السوق التركية

استطاع السوري الذي يمتلك حرفة أن يؤسس عمله في السوق التركي رغم جودة المنتجات التركية وشهرتها، إلا أن تمسك السوريين بما اعتادوا عليه جعل الكثير من أصحاب المهن والحرف يميلون لتصنيع منتجات سورية شعبية.

ويعد تصنيع الأجبان والألبان السورية من القطاعات المهمة في الاقتصاد السوري على مدار عشرات وربما مئات السنين، وهي مهنة متوارثة من الأجداد والآباء إلى الأبناء، كما تعد وجبة أساسية على مائدة الإفطار في عدة بلدان بينها بلاد الشام وتركيا.


موقع "اقتصاد" زار "أجبان وألبان الشام" المختص بمنتجات الحليب بالإضافة لسلع أخرى كالمعلبات السورية والزعتر الحلبي والزيتون بجميع أنواعه بالإضافة للأسمان والزيت "العفريني" و"المكدوس".

"أبو يمان الشامي" طبيب بيطري يمتلك وشريك له، معمل الشام لتصنيع الألبان والأجبان السورية، بالإضافة لعدة نقاط بيع في ولاية إسطنبول التركية تتوزع بين منطقتي "الفاتح" و"إسنيورت" اللتين تعتبران من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسوريين، كما تمتاز منطقة الفاتح بأنها منطقة سياحية وتاريخية ويتواجد فيها عرب بشكل كبير، مؤكداً أنهم يستهدفون السوريين بشكل خاص والعرب والأتراك بشكل عام.

 


وقال "الشامي" في حديثه لـ "اقتصاد": "بصراحة لا يمكن التعدي على هذه المهنة إذ تحتاج إلى مختصين ماهرين. أنا أدير نقاط البيع وشريكي مختص بالتصنيع".

وأضاف "الشامي": "يوجد اختلاف كبير بين الجبنة السورية والجبنة التركية بطريقة التصنيع وكمية الدسم واللون والتقديم والطعم حتى حفظ البضاعة يتم بشكل مختلف، وإن كان الأساس الخام واحد وهو الحليب".

وبيّن "الشامي" أن المنتجات التركية متنوعة وكثيرة فعلاً، "لكن المنتجات السورية ألذ بالنسبة لنا كسوريين، كما أن هناك أنواع كثيرة غير موجودة لدى الأتراك كـ (المشللة والمسنرة)، بالإضافة لـ (الشنكليش) السوري والسمن العربي ومنتجات أخرى، بينما لدى الأتراك جبن القشقوان المختلف عن القشقوان السوري إذ أنهم يحبونه مخمراً وقد مضى عليه وقت طويل جداً".

 


وأكّد "الشامي": "بصراحة أول ما يبحث عنه الزبون التركي هو النظافة وهو رقم واحد لدينا، كما أنّ أغلب من زارنا من الأتراك يحب منتجاتنا، ويراها أرخص بشكل واضح عن الأجبان التركية، لكن لا يتجاوز نسبة زبائننا من الأتراك أكثر من 10% وهي تزداد يوماً بعد يوم".

أثرت أزمة الليرة التركية بشكل كبير على جميع أصحاب الحرف السورية كما التركية، والتي أدت إلى ارتفاع في أسعار المواد الخام والمصاريف الاعتيادية، إذ شهدت تركيا انخفاضاً حاداً في سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي متجاوزاً عتبة 6.70 ليرة تركية لكل دولار أمريكي، وإن انخفضت في الأيام القليلة الماضية إلى ما دون 5.65 ليرة تركية مقابل كل دولار.

 


وبخصوص انخفاض الليرة التركية خلال الشهرين الماضيين أفصح "الشامي": "لقد تسبب ذلك في ارتفاع أسعار منتجاتنا جميعها بنسبة 30 إلى 40% لغلاء العنصر الأساسي للتصنيع (الحليب) وارتفاع أسعار الوقود والرسوم الشهرية للكهرباء والماء، وكذلك زيادة أجور اليد العاملة".

ورداً على انخفاض سعر صرف الدولار في الأيام الأخيرة قال "الشامي": "طبعاً نحن لا نتحكم بأسعار الحليب بل المزارع التركية هي من تحدد الأسعار، كما نتمنى انخفاض أسعار المواد الخام مع تحسن سعر الليرة التركية لأنه يصب في مصلحتنا وازدياد حركة البيع خصوصاً وأن الزبون يلقي باللوم علينا".

وفي أثناء الإعداد للتقرير رصد موقع "اقتصاد" عدة زبائن من الأتراك والسوريين. ويأخذ الزبون التركي كميات قليلة من المنتجات بينما يشتري الزبون السوري كميات أكبر بشكل واضح لثقته في المنتج الذي يشتريه.

وعن رأي الأتراك في الجبن السوري واختلاف طعمه عن التركي قال "ليفينت شهيرأوغلو" لموقع "اقتصاد": "كل ما يصنعه السوريون لذيذ ومختلف عما اعتدنا عليه في تركيا. المنتج السوري يشبه إلى حد بعيد منتجات القرى أو المدن الصغيرة وهو ما يجعله صحياً أكثر ومضموناً وذا جودة عالية وبأسعار أرخص إلى حد ما".

تمكن السوريون أن يثبتوا أنفسهم بشكل جيد في السوق التركي، كما استطاعوا إقناع المستهلك التركي المشهور بتمسكه بعاداته وتقاليده، ودفعه إلى تجربة منتجاتهم بل واستهلاكها، وهي نقطة نجاح أخرى تضاف للسوريين في رحلة اللجوء أو التهجير أو الاغتراب.