نساء سوريات وتركيات يتشاركن تجربة صناعة الصابون الحلبي

نساء سوريات وتركيات يتشاركن تجربة صناعة الصابون الحلبي

بعيداً عن منبتها السوري، تُبعث صناعة صابون حلب، الأقدم في العالم، من جديد في ورشة تركية متخصصة تقوم فيها اللاجئات السوريات بتعليم النساء المحليات كيفية صناعته ثم التكسب من بيعه.

ففي ماردين، الولاية الواقعة جنوب شرق تركيا، وفي دارة تاريخية في المدينة القديمة، تجتمع نسوة سوريات متحمسات حول أحواض كبيرة يحركن خليطًا سميكًا قوامه زيت الزيتون. بينما تراقب نسوة محليات العمل بعناية لكسب الخبرة من خلال ورشات عمل تدريبية تؤهلهنّ لوظائفهن المستقبلية. جموع النسوة السوريات والتركيات أصبحن معاً موظفات في ورشة لإنتاج صابون حلب، المعروف بأنه أقدم صابون في العالم

ويعتبر إنتاج هذا النوع من الصابون متوقفاً تقريباً في سوريا التي مزقتها الحرب. لكن النساء اللواتي فررن من بلادهن وأصبحن لاجئات في تركيا، عازمات على إحياء صناعته من جديد، وذلك بدعم من الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والهلال الأحمر التركي ومنظمات محلية غير ربحية. ونتيجة الجهود المبذولة، تم افتتاح ورشة عمل في بلدة "آرتوكلو" في ماردين، بهدف إنتاج الصابون وتعزيز توظيف النساء في المدينة، وتوفير فرص عمل للاجئين في نفس الوقت.

بعد فترة تدريب قصيرة، تنضم النساء التركيات إلى العاملات السوريات لإنتاج الصابون الذي يشبه البلاط في طريقة صبّه. أربع وأربعون امرأة، بينهن 21 سورية، يعملن في الورشة الصغيرة لإنتاج 1000 قطعة من الصابون كل يوم.

باستثناء بعض التغيير في المكونات، لا يختلف صابون حلب القديم الحديث المنتج في ماردين، عن نسخته الأصلية التي كانت تنتج تقليدياً في مدينة حلب، حيث لا زال يحمل اسم المدينة الغارقة في حرب أهلية حتى الآن. وبدلا من زيت الزيتون الحلبي، تستخدم النساء السوريات الآن زيت الزيتون المأخوذ من أشجار ضاحية "ديريك"، وهي بلدة قريبة من ماردين. يتم غليه في أحواض كبيرة، بإضافة الصودا والمياه النقية. ويختلف الصابون القديم عن أنواع الصابون الأخرى، بمكوناته الطبيعية بالكامل، إذ يدخل زيت الزيتون بنسبة 93 بالمائة في تركيبه. ولا تعتبر عملية إنتاجه سريعةً، لأن الخليط السميك يجب أن يقطّع إلى قضبان، ويترك قيد التجفيف، لمدة ثلاثة أشهر تقريباً.

سهام أحمد، لاجئة سورية تبلغ من العمر 53 عاماً، لجأت إلى تركيا مع أسرتها قبل حوالي ستة أعوام، تقول إنها تقدمت على الفور عندما علمت بالمشروع. وإنها ليست غريبة على العمل، فقد كانت صناعة الصابون القديم، مهنة عائلتها في سوريا. وقالت "سهام أحمد" لوكالة أناضول: "أنا أصنع الصابون هنا وأعلّم شقيقاتي التركيّات كيفية صنعه أيضاً، هذا الصابون واحد من أقدم أنواع الصابون في العالم، وكان يُصنع في الأصل من مزيج زيت الزيتون والغار معاً. آمل أن يستمر أطفالي وأحفادي بهذا العمل أيضًا. وصابون حلب لا يحتوي على أية مواد كيميائية، فهو يساعد على التمتع بصحة جيدة جدًا. كما أنه لا يسبب تساقط الشعر وهو صحي للبشرة". وأضافت "سهام أحمد" أنها تأمل في العودة إلى سوريا ذات يوم والاستمرار في إنتاج الصابون هناك.

نساء سوريات وتركيات يتشاركن تجربة صناعة الصابون الحلبي

أمينة عيسى، وهي امرأة سورية أخرى لجأت إلى ماردين، أوضحت أن إنتاج الصابون ساعدها على كسب دخل إضافي لعائلتها. وقالت: "أنا سعيدة لأننا قادرون على كسب المال هنا. لقد ساعدنا إخواننا وأخواتنا في تركيا كثيراً، والآن نعمل معهم. أشعر أن تركيا هي وطني الحقيقي، وأنا ممتنة للأشخاص الذين يقفون وراء هذا المشروع".

عايشة غول تشاكرجي، وهي أم تركية لثلاثة أطفال، تعيش في ماردين، انضمت إلى العمل مع اللاجئات السوريات منذ ثلاثة أشهر، بعد أن تلقت تدريباً كافياً. وقالت تشاكرجي: "اعتدت أن أكون ربة منزل، لكنني أريد أن أفعل المزيد من أجل أسرتي. أحب العمل مع النساء السوريات هنا. لقد علمونا أشياء كثيرة، وقمنا بتعليمهم بعض الأشياء أيضا. نحن نحب بعضنا جدا".

نساء سوريات وتركيات يتشاركن تجربة صناعة الصابون الحلبي

منسقة المشروع "إيبرو بايبارا دمير"، أوضحت أن المبيعات لم تبدأ بعد، لكن النساء لديهن بالفعل عميل كبير اسمه "منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة" التي سجلت لديهن على "طلبية كبيرة". وأضافت أن الورشة قد أنتجت إلى الآن 20000 قطعة من الصابون، وأن الكثير من الذين سمعوا عن المشروع، في انتظار أن تبدأ المبيعات في وقت قريب، وذلك بمجرد الانتهاء من عملية التجفيف.