- المصدر: اقتصاد مال و اعمال السوريين
- 6114 قراءة
"زكية عباس".. رائدة أعمال سورية تؤسس شركة للاستشارات والترجمة في تركيا
لم تكن اللاجئة السورية "زكية حاج عباس" تتوقع أن توفر لها ظروف حياتها الجديدة في تركيا، صعود سلم النجاح في مجال الترجمة المحلفة والاستشارات بسهولة ويسر، رغم أن تخصصها الجامعي بعيد عن هذا الميدان. وخلال سنتين تمكنت من تأسيس شركة ناجحة باتت من الشركات المنافسة في تركيا من حيث تنوع وتميز خدماتها.
وتنحدر زكية من مدينة حلب، وفيها نشأت واجتازت المراحل التعليمية إلى أن حصلت على شهادة في هندسة الالكترون من جامعة حلب، وعملت في المجال البيئي حوالي 13 سنة في معالجة المياه والغازات والنفايات وإدارتها بشكل عام، واتبعت دورات تدريبية في هذا الميدان داخل وخارج سوريا وفي أوروبا.
ومع بداية الحرب اضطرت للنزوح إلى قرية زوجها في ريف حلب عام 2012 وبقيت هناك إلى أن اشتدت وطأة الحرب فاضطرت للجوء إلى تركيا مع عائلتها.
وتروي "أم توفيق" لـ"اقتصاد" أن اتقان اللغة التركية لم يكن بالأمر الصعب بداية لجوئها فقد دأبت على سماع مفرداتها من والدتها لكونها من تركمان سوريا، لكن ممارسة اللغة لم تكن بالمستوى المطلوب كترجمان -كما تقول– مضيفة أن تعلم اللغة كان أمراً محتماً منذ لحظة وصولها إلى البلاد من أجل الاندماج في المجتمع المضيف أولاً وتقديم الخدمة للمحيطين بها ممن لا يتقنون هذه اللغة.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 960x720px. |
في بداية لجوئها عملت السيدة القادمة من حلب في مجال التعليم حيث درّست مادة المعلوماتية للطلاب في مدرسة "الصداقة" السورية، وعملت كذلك في مجال الادارة المحلية بالاعتماد على خبرتها السابقة في البلديات والخدمة، وكذلك في مجال العمل التطوعي مع عدد من المنظمات التركية المحلية قبل أن تقدم فحص التومر لتتمكن من القواعد التركية والاختلاط بزملائها الأتراك في العمل، وبالجيران.
بعد اتقانها للغة التركية توجهت محدثتنا -كما تقول- للعمل في مجال تقديم خدمات استشارية مع الترجمة المحلفة بشكل عام في عموم تركيا وهو قطاع يحتاج الى خبرات وعمل جدي، وجاء اختيارها لهذا المجال جراء حاجة اللاجئين السوريين في تركيا إلى من يقدم لهم الاستشارات ويترجم لهم الوثائق أكثر من احتياجهم لأي خدمات أخرى
بمجرد حصولها مع عائلتها على الجنسية التركية تقدمت رائدة الأعمال الحلبية للحصول على ختم الترجمان المحلف مع زوجها "عبو الحسو" وهو صحفي مهتم بالشأن التركي وشؤون اللاجئين، وأسسسا معاً -كما تقول-شركة استشارات وترجمة في مدينة "غازي عنتاب" أطلقا عليها اسم "إكسير"، وخلال سنتين من تأسيسها تمكنت الشركة-كما تقول- مديرتها من أن تحجز لنفسها مكاناً مميزاً ضمن الشركات التركية المنافسة في نفس المجال.
ولفتت زكية إلى أن تأسيس الشركات في تركيا عملية سهلة جداً ومتاحة للجميع ولكن الاستمرار في العمل ضمن الظروف الاقتصادية المحدودة والمنافسة أمر في غاية الصعوبة، مضيفة أن "الكثير من الشركات الأجنبية ومنها تلك التي يقوم عليها سوريون لا تلبث أن تغلق وتعلن إفلاسها بعد فترة قصيرة إما لأسباب اقتصادية أو لعدم المعرفة بقوانين البلاد، وكذلك عدم المعرفة باللغة التركية".
وتابعت أن شركتها تختص بالاستشارات والترجمة وتعقب المعاملات الرسمية وهو مجال غير مطروق من قبل النساء السوريات سابقاً في تركيا.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 960x960px. |
وتقدم الشركة حالياً خدمات الاستشارات في مجالات إنشاء الشركات، واستصدار الرخص والإقامات، وأذون وتصاريح العمل، والتأمين. وتدير العلاقة بين المشاورين الماليين للكيانات التجارية والمنظمات غير الربحية والأفراد، بموجب وكالات رسمية من الزبائن أو بعقود بين الشركة والمؤسسات التي تكلفها في أعمال لصالحها، وكذلك كافة الجهات الرسمية مثل غرفة التجارة ومؤسسات وزارة العمل والتعليم والتأمين والتشغيل والنوتر الذي يعتمد على الوثائق التي تقدمها "إكسير" سواء وثيقة الترجمان المحلف أو وثائق فعاليات الشركة، ففي مجال التعليم مثلاً تقوم الشركة بتعديل الشهادات الجامعية في أنقرة عبر وكالات رسمية من الزبائن مباشرة لافتة إلى أن ترجمة النصوص لا تتضمن الوثائق الشخصية فحسب كالهويات وجوازات السفر والشهادات بل كشوفات العلامات بالنسبة للطلاب والتقارير الطبية بالإضافة الى الترجمة الاحترافية والمحلّفة والفورية.
وحول فريق عمل الشركة وممَ يتكون، أشارت مديرة "إكسير" إلى أن فريقها مكون من عدد من الموظفين الرسميين في مكتب الشركة وهناك قسم خارجي، حيث تعتمد الشركة على مبدأ تحقيق الخدمة عبرهم بمبدأ الوكالات والاتفاقات مثل مؤسسات التأمين والفيز والحجوزات وغيرها إذا لزم الأمر.
وفيما يتعلق بالفروق بين الترجمة المحلفة في تركيا وباقي البلدان العربية من حيث الضوابط والمعايير المهنية، أوضحت المترجمة الحلبية أن الأسس بشكل عام واحدة لكن هناك اختلافات بسيطة في الشكليات، وأحياناً في الإجراءات المتعلقة بالحصول على وثيقة المترجم المحلف.
واستدركت أن فريق الشركة يقوم بالترجمة المحلفة في تركيا فقط باعتبارهم مواطنين أتراك، وهي من المهن التي لا تعطى لمن لا يحمل الجنسية التركية، ولكن الوثائق التي تترجمها الشركة ويصدقها النوتر التركي (الكاتب بالعدل) تعتبر سارية في كل بلدان العالم لأنها تحمل تصديق الدولة التركية.
هذه الصورة تم تصغيرها.لعرض الصورة كاملة انقر على هذا الشريط,. المقاس الأصلي للصورة هو 864x486px. |
والترجمة المحلفة هي ترجمة قانونية تعتمدها المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية وفق توقيع وختم ومسؤولية، ومن هنا يقسم المترجم اليمين القانونية شأنه شأن القاضي والطبيب والصيدلي بعد أن يجرى له امتحان إثبات كفاءته اللغوية في الترجمة إلى لغة (أو عدة لغات) أجنبية، وإذا نجح في المسابقة يمنح شهادة إجازة في الترجمة القانونية من قبل وزارة العدل التركية وهذه الشهادة تخوله ممارسة الترجمة التي تصبح وثيقة رسمية بعد توقيعه ووضع خاتمه عليه لتصادق أخيراً من الوزارة المذكورة.
وعبّرت زكية عن طموحها في توسيع نطاق خدمات الشركة بحيث تستطيع خدمة الأتراك والأجانب داخل تركيا وتطوير نوعية الخدمات وآليات الوصول للزبائن أيضاً وتأسيس فروع أخرى للشركة في مدينة أنقرة وغيرها.
وتشير الإحصائيات التركية إلى أن عدد السوريين المتواجدين في تركيا بحلول يونيو/حزيران 2018، بلغ 3 ملايين و325 ألف شخص، متوزعين على مختلف الولايات التركية. واحتل السوريون المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث عدد الشركات المُؤسسة في تركيا خلال الـ 6 سنوات الأخيرة، بواقع 7 آلاف و599 شركة، وجاء السعوديون في المرتبة الثانية بتأسيس ألفين و75 شركة، وجاء العراقيون بعدهم بتأسيس ألفاً و436 شركة.