- المصدر: ترك برس
- 6577 قراءة
لماذا تصرّ تركيا على الاستغناء عن الدولار في التعاملات التجارية؟
خلال اجتماع مع رجال أعمال روس وأتراك في العاصمة الروسية موسكو، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إن بإمكانتركيا وروسيا حماية نفسيهما من إملاءات الدول الأخرى عن طريق اعتماد العملات المحلية في المعاملات التجارية بينهما.
وكانت تركيا قد بدأت بشكل محدود، التعامل بالعملة المحلية مع روسيا منذ عام 2015، وقبل ذاك، بالتعامل التجاري مع إيران، خلال العقوبات الأميركية والأوروبية على طهران.
بل طرح الرئيس التركي العام الماضي، أن يكون التعامل التجاري مع بعض الدول الأوروبية، بالعملات المحلية.
تصريحات أردوغان، اعتبرها محللون أتراك بأنها بداية للخروج من هيمنة الدولار على النظام النقدي العالمي، واستخدامه كأداة سياسية، لضرب اقتصادات الدول التي تختلف سياسياً مع واشنطن.
في حديث لصحيفة العربي الجديد، قال سمير صالحة، الخبير الاقتصادي التركي، إن نبرة التخلي عن الدولي تصاعدت في تركيا بشكل واسع بالآونة الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بالمعاملات التجارية مع إيران وروسيا.
وأضاف صالحة: "يعود سبب توجه تركيا لهذا الحل، بعد تأزم العلاقات مع واشنطن والاستهداف المباشر للعملة التركية من خلال التأثير على أسعار الصرف، لكن هذه الخطوة ليست سهلة لسيطرة الدولار على التعاملات التجارية العالمية وامتلاكه 61.7 بالمائة من حجم الاحتياطات النقدية في المصارف المركزية العالمية".
وتابع أن التعامل بالعملات المحلية يحتاج إلى تحضيرات دقيقة ومفصلة بشأن إنجازها لأن النظام التجاري التركي بنيّ أساساً خلال العقود الأخيرة، على أساس دولاري.
ولم يستبعد صالحة أن يكون للولايات المتحدة ردود فعل قوية إن طبقت تركيا هذه الخطوة واستغنت عن الدولار بتجارتها مع شركائها الرئيسين، إيران وروسيا، أو حتى توسعت بالدعوة لتصل إلى التعاملات مع الاتحاد الأوروبي.
وقال فراس شعبو، أستاذ الاقتصاد في أكاديمية باشاك شهير في إسطنبول، إن الاستغناء عن الدولار بالتعاملات التجارية البينية وإحلال العملات الوطنية، ليس صعباً، لكنه في الوقت نفسه، ليس من السهولة أن يتم تطبيقه من خلال دعوة.
واستطرد: "ستطاول آثاره بعض الانعكاسات السلبية على الاحتياطات النقدية في المصارف المركزية وعلى الميزان التجاري، خاصة إذا ما كانت الدول التي تدعو للتخلص من هيمنة الدولار، تعاني من أزمات اقتصادية ونسب تضخم مرتفعة".
وأضاف شعبو: "لو اتفقت الدول، وهي كتلة اقتصادية عالمية كبرى، واعتمدت سلة عملات مؤلفة من عملاتها المحلية، فإن ذلك سيحد ولا شك من هيمنة الدولار".
وأنجزت تركيا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 اتفاقا لمبادلة العملة مع الصين بقيمة 450 مليون ليرة تركية، مع توجه أنقرة إلى اعتماد العملات المحلية في جانب من تعاملاتها الخارجية مع شركائها لمواجهة ارتفاع الدولار أمام الليرة، الذي تعدى خلال الأسبوعين الأخيرين، حاجز 5.7 ليرات للدولار الواحد.
وتتنامى فكرة الاستغناء عن الدولار خلال التبادلات التجارية بين الدول، لاسيما في ظل الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة ضد الصين وأوروبا والعديد من البلدان في أميركا الجنوبية.
ويطرح التوجه نحو استعمال العملات الوطنية في التعاملات التجارية البينية تساؤلات بشأن مصير الدولار ومعه الاقتصاد العالمي بشكله الحالي، وهل يمكن أن تختفي العملة الخضراء من الأسواق كعملة قوية في حال نجحت هذه المساعي، وأي انعكاسات محتملة لإمكانية اعتماد عملة أو سلة عملات عالمية بديلة للدولار؟
الخبير في الاستشارات المالية طه عبد الغني، يرى أن أميركا ما فتئت تستخدم الدولار كورقة ضغط لتحقيق مصالحها، خاصة مع توقيع اتفاقية البترودولار مع السعودية، حيث بات كل المتعاملين بالعملة الخضراء يلجؤون للبنوك الأميركية.
أما بخصوص استخدام العملات الوطنية كأساس للتعاملات، فيقول عبد الغني إن ذلك يحتاج إلى اتفاقات خاصة في ظل وجود صعوبات تتعلق بمستويات التضخم ومعدلات النمو في كل دولة.
ورأى - وفق تقرير سابق لشبكة الجزيرة القطرية - أن الأسهل هو استخدام سلة عملات عالمية لتقييم العملات الوطنية، وفي هذه الحالة لا تستطيع أميركا التحكم في الدول.