- المصدر: تركيا الآن
- 5860 قراءة
3 متغيرات جديدة تخص اللاجئين السوريين في تركيا.. هل تغير الحكومة موقفها؟
منذ أن بدأت الأزمة السورية عام 2011 خرج السوريون بمئات الآلاف نحو دول الجوار هربا من الموت والقصف، وكان نصيب الأراضي التركية أكثر من 3.5 ملايين من اللاجئين ، غير أنه في الآونة الأخيرة كثرت التصريحات المناوئة لوجود اللاجئين في تركيا خاصة مع الأزمة الأفغانية التي نشأت عقب الانسحاب الأمريكي.
ومن هذه التصريحات كانت تحريضات من المعارضة التركية تهديد بالطرد إلى أراضيهم، إلا أن الحكومة التركية كانت تخرج في كل مرة وتتعهد بالحفاظ على اللاجئين مكرمين معززين في أراضيها، قبل أن يخرج الرئيس أردوغان وقال إن بلاده لا تستطيع استقبال موجة جديدة من اللاجئين.
أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فقد صرح أن هناك “تعاونا أفضل من المجتمع الدولي بشأن إعادة اللاجئين بشكل آمن إلى بلادهم”، وأنهم أطلقوا “مبادرة تعاون مع دول الجوار” التي تستضيف السوريين”، وهي لبنان والأردن والعراق.
هذه التصريحات أثارت موجة من المخاوف من تغير سياسة البلاد تجاه اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، وخاصة ما يتعلق بعودتهم أو إعادتهم لسوريا.
ورغم أن تركيا ما زالت تتبنى رسميا سياسة الباب المفتوح؛ فإنها عدلتها منذ سنوات، وباتت تفضل دعم النازحين داخل الأراضي السورية لأسباب داخلية وخارجية عديدة، في مقدمتها ضغط المعارضة التركية ومحاولة النظام وداعميه تحويل ملف اللاجئين لورقة ضغط عليها.
بيد أن ملف السوريين المقيمين في تركيا -الذين لا يحملون رسميا وقانونيا صفة “لاجئ” بل يندرجون تحت بند “الحماية المؤقتة”- تحول في السنوات الأخيرة لورقة مزايدات بيد المعارضة تجاه الحكومة التركية، بما يشمل حملات تحريض عليهم بين الحين والآخر.
وفي 2019، ساد تقييم لدى بعض الأوساط أن حزب العدالة والتنمية الحاكم قد خسر بعض البلديات -وفي مقدمتها بلدية إسطنبول الكبرى- لأسباب ترتبط بالوجود السوري فيها.
محتوى ذو صلة
وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي سعيد الحاج أن الحكومة التركية حاولت تخفيف الاحتقان الداخلي عبر تشجيع العودة الطوعية للسوريين إلى الشمال السوري وإلى ضبط الواقع السوري على أراضيها بما يتعلق بمكان الإقامة والتنقل بين المحافظات.
3 متغيرات رئيسية
وأشار الكاتب في مقال له إلى وجود ثلاثة متغيرات رئيسية في هذا الموضوع ممكن استنتاجها من تصريح وزير الخارجية تشاووش أوغلو، أهمها الملف الدولي الذي يتعلق بالمخاوف الدولية من موجات لجوء كبيرة من أفغانستان تحديدا بعد الانسحاب الأميركي وسيطرة طالبان على مقاليد الأمور هناك.
أما المتغير الثاني من وجهة نظر الحاج فهو مرتبط بمسار الحوار والتقارب والمصالحات بين مختلف دول الإقليم، وهو مسار كان له إرهاصاته مؤخرا، لكن خطواته تسارعت كثيرا مع الإدارة الأميركية الجديدة وبعض توجهاتها المقلقة بالنسبة لدول المنطقة.
وأما الثالث فعامل محلي تركي، ومرده اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع عقدها في 2023، في ظل تصاعد انتقادات المعارضة للحكومة في ملف السوريين، وكذلك حملات التحريض ضدهم والتي تقودها بعض الشخصيات المعارضة تحديدا.
وفي ضوء هذه المتغيرات يطرح الكاتب سؤالا له من الأهمية مكان هل يتغير موقف الحكومة التركية بخصوص اللاجئين، هل كان هناك مسار إقليمي يدفع بهذا الاتجاه؟
واختصر الحاج الإجابة عن هذا التسؤال بأنه ليس هناك متغير كبير في الموقف التركي على وجه الخصوص وبدرجة أقل الموقف الإقليمي، لوجود أسباب عديدة.
السبب الأول: ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها دول جوار سوريا حول ملف اللاجئين المقيمين على أراضيها، وبالتالي فمجرد الحديث عن حوار وتنسيق لا يعني بالضرورة حصول تغيُّر جذري في المواقف.
الثاني: حدوث تغير دراماتيكي بخصوص اللاجئين السوريين -ولا سيما على صعيد عودة أعداد كبيرة منهم- ترتبط بإجراءات كثيرة مطلوب تأمينها قبل ذلك، ومنها وقف العمليات العسكرية وبدء عملية الإعمار، وهو قرار لا تملكه هذه الدول الأربع، بل هو مسار دولي لا يبدو أن شروطه قد نضجت بعد.
الثالث: الأزمة السورية ما زالت بانتظار تغير حقيقي في المسارات الميدانية والسياسية، وهذا أمر لا نرجح حصوله دون صفقة أو اتفاق ما بين موسكو وواشنطن، خصوصا أن الموقف الأوروبي ما زال رافضا لبدء عملية إعادة الإعمار دون انتهاء المواجهات تماما، وكذلك في ظل بعض الإشارات التي وردت من موسكو وواشنطن في الشهور القليلة الأخيرة بهذا الاتجاه.
أما السبب الرابع: تصريح جاويش أوغلو حمل نقدا ضمنيا لإعادة بعض اللاجئين إلى سوريا قسرا أو الضغط عليهم بهذا الاتجاه دون أن تؤمَّن لهم شروط الحد الأدنى المطلوبة للعودة من أمن وخدمات. فقد تحدث عن “العودة الآمنة”، مؤكدا ضرورة “تنفيذ مشاريع التعليم والصحة والتوظيف للعائدين” كما هو حاصل في إدلب شمال غرب سوريا، “بدلا من دفع الناس قسرا للعودة”.