- المصدر: عكس السير
- 24018 قراءة
“كدت أغرق بالشوكولاتة” .. سوري يروي كيف نجا من الموت في محاولته الـ 18 لتجاوز الحدود والوصول لبريطانيا
من معسكر متداع في الغابة الواقعة خارج كاليه حاول لاجئ سوري ان يتسلل في شاحنة متوجهة لبريطانيا. لكنه فشل 17 مرة من قبل وها هو يحكي لنا قصته مع محاولته الثامنة عشرة الفاشلة التي كادت تقتله وتقضي عليه:
التقينا بالمهرب في مستودع البنزين في الساعة الثانية صباحاً. الشاحنات المتجهة الى بريطانيا دائما تتوقف هناك بالقرب من محطة القطارات وكنا نحاول عادة ان نتسلل الى متن هذه الشاحنات في الليل حين يكون السائقون نياماً ولا يوجد الكثير من رجال الشرطة في المكان.
كنا 25 شخصا لذلك قسمنا الى مجموعات وكان يفترض أن تتسلل كل مجموعة في شاحنة مختلفة.
اختار المهربون سبعة من طوال القامة. وكان خمسة منا سوريين وهناك مصريان. وكنت اصغر الجميع سنا اذ كنت ابلغ حينها 20 عاما. أما الباقون فكانوا في منتصف الثلاثينيات من العمر
كنا نعرف أن شاحنتنا ستتجه الى بريطانيا لأن المهرب رأى بطاقة توضع على الشاحنات عندما تأتي الى منطقة الانتظار. انه كردي من العراق ويفعل هذا منذ سنوات. كنت قد غادرت سوريا بدون أي شيء ولذلك عملت معه في كاليه لمدة شهرين تقريباً لأدفع ثمن الهروب. قال لنا هذه الشاحنات التي تحمل سوائل عادة لا تمر على اجهزة اشعة أكس وتتجه مباشرة الى القطار .
السائق كان لا يزال نائما في الكابينة وتعين علينا القفز الى الوعاء الكبير بهدوء وكان باب الخزان مغلقاً لكن المهرب قطع الأسلاك.
لم تكن لدينا أي فكرة عما هو موجود هناك ولكن ما ان فتحناه حتى زكمت انوفنا الرائحة لقد كانت راحة شوكولاتة. كنا سنهرب الى بريطانيا في خزان من الشوكولاتة السائلة الساخنة.
في الخارج كان الطقس متجمدا ليلا وعندما قفزنا الى الشوكولاتة الساخنة في البداية انتابنا شعور طيب حقاً وبعد 15 دقيقة بدأت الحرارة تضايقنا.
يبلغ طولي 185 سنتيمترا لكن لا أستطيع الوصول الى قاع الخزان. وكنا نتعلق جميعا بإطار الخزان تمسك به بيد وتريح الأخرى على كتف اقرب شخص اليك واذا انزلقت يد أحد وهوى الى الأسفل لا نستطيع سحبه الى أعلى ثانية.
كنا معلقين هكذا في دائرة وتغمرنا الشوكولاتة حتى اعناقنا وقام المهرب بإغلاق باب الخزان تاركاً فتحة ضيقة للتنفس. كانت الحرارة مروعة وكان علينا تحريك أرجلنا على الدوام حتى لا نغوص غوصاً في الشوكولاته ونعلق بها.
كان علينا أن نتماسك على أمل ان تتحرك الشاحنة، والمسافة الى القطار تستغرق من 20 الى 30 دقيقة وعندما تمر الشاحنة من التفتيش نستطيع الخروج من الخزان. لكن الشاحنة لم تتحرك ومكثنا هناك لما يربو على ساعتين ولا نستطيع أن نقول أي شيء.
في النهاية بدأ الآخرون يقولون إن الخزان شديد الحرارة وعلينا أن نخرج منه، وأردت أن أقول اذا غادر أحد منا سنتنسكب الشوكولاتة على جانب الشاحنة وسيتم القبض علينا جميعاً .
واحد او اثنان من الرجال اكبر مني بدآ في الصراخ وفي النهاية اتفقنا جميعا على الخروج.
كانت الشوكولاتة لزجة للغاية لدرجة ان الأمر استلزم ستة او سبعة منا لمساعدة شخص واحد على القفز الى الخارج. الشخص الأول دفع باب الخزان ودفع نفسه الى اعلى وساعده الباقون.
آخر شخص عانى أشد المعاناة اذ لم يتبق أحد ليدفعه الى أعلى وحاولنا جميعا سحبه، لكن الشوكولاتة كانت تسحبه الى الأعماق واضطر ان يخلع حذاءه كي يخرج وتركهما وراءه.
كان المسير طويلا في طريق العودة الى الغابة وكنا مغمورين بالشكولاتة من رؤوسنا الى اخمص اقدامنا ايادينا وشعرنا وعيوننا كانت الشوكولاتة في كل مكان. ومع ذلك فقد كانت شوكولاتة جيدة رغم كل شيء وأخذنا نلعقها طول طريق العودة. وظلت آثار اقدامنا تمتد على طول الطريق خلفنا.
راوي هذه القصة تمكن في النهاية من الوصول الى بريطانيا على متن شاحنة نقل محملة بكابينات شاحنات جديدة بعد أن وجد باب كابينة وحيدة منها مفتوحا واختبأ داخلها، وهو الآن يعمل في مطعم عربي في شيفيلد.