- المصدر: عكس السير
- 4230 قراءة
هل يقتدي الاتحاد الأوروبي بأستراليا في مسألة اللاجئين ؟
ينصح رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت الأوربيين بإيقاف قوارب اللاجئين قبل وصولها إلى قارتهم، اعتقادا منه بأنه في هذه الحالة سيتخلص الأوربيون من مشكلتهم الحالية بشأن هؤلاء اللاجئين. ويرى أبوت أن هذه هي المعادلة لسياسة ناجحة تجاه اللاجئين في أوروبا أيضا. وفي حديث مع قناة “ايه بي سي” (ABC) الأسترالية، بعد غرق 800 شخص مؤخرا في مياه البحر المتوسط أكد رئيس الوزراء الأسترالى أن “السبيل الوحيد لوضع حد لوفاة اللاجئين يتمثل في واقع الأمر في إيقاف قواربهم “.
وهذه تماما هي الاستراتيجية، التي يتبناها السياسي المحافظ في بلاده منذ سنوات. ففي عام 2013 فاز حزبه، الحزب الليبرالي الأسترالي، بالانتخابات البرلمانية، اعتمادً على هذه الاستراتيجية، وكان أحد شعارات حملته الانتخابية حينها “اوقفوا القوارب”. وبعد فترة قصيرة من تولي أبوت منصب رئيس الوزراء بدأت عملية اسمها “حدود ذات سيادة”.
مراجعة طلبات اللجوء في عرض البحر
ويعني هذا أن البحرية الأسترالية تقوم باعتراض قوارب اللاجئين ووقفها بعيدا عن سواحل البلاد، وتجبرها من هناك على العودة. في يوليو/ تموز 2014 أوقف خفر السواحل الأستراليون قاربا على بعد مئات الكيلومترات من سواحل أستراليا، ، وكان على متنه 41 شخصا من سري لانكا. وبعد قيام السلطات الأسترالية باستجوابهم عبر اتصال بالفيديو، رفضت جميع طلبات اللجوء وقامت بتسليم القارب إلى بحرية سري لانكا. وتسمي الحكومة الأسترالية هذه الطريقة بـ “Offshore processing”، وتعنى التعامل مع المهاجرين في عرض البحر، وهي طريقة تثير غضب واحتجاجات منظمات حقوق الإنسان الدولية ضد الحكومة الأسترالية.
ويصف “مجلس اللاجئين”، وهو عبارة عن مظلة لمنظمات إغاثة اللاجئين في أسترايا، ما تقوم به الحكومة بـ”انتهاك عديم الحياء للإتفاقية الدولية بشأن اللاجئين.” بل حتى جيليان تريغس، مديرة المفوضية الأسترالية لحقوق الإنسان، التي تمولها الحكومة، لا تعتقد أن الإجراءات التي تتخذها السلطات الأسترالية، تتفق مع “معايير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو مع معايير أي بلد آخر تعامل يوما ما مع طالبي اللجوء”.
وعلى العكس من ذلك يكرر وزير الهجرة الأسترالي بيتر داتن، تأكيداته بأن سياسة بلاده تجاه اللاجئين حققت نجاحا كبيرا. ويشير الوزير إلى أنه منذ حوالي سنة ونصف لم يصل أي قارب إلى السواحل الأسترالية، ولم يغرق شخص واحد.
لاجئون مقابل مساعدات تنموية
لا بد من الإشارة إلى أنه حتى اللاجئين، الذين لا تبعدهم الحكومة الأسترالية مباشرة، لا يستطيعون الاستقرار في أستراليا ذاتها. إذ إنها تنقلهم إلى مخيمات في جزيرة “عيد الميلاد”، التابعة لأستراليا، أو جزيرة جمهورية ناورو أو دولة بابوا غينيا الجديدة. ويتكرر كثيرا توجيه الانتقادات إلى تلك المخيمات التي يحبس فيها حتى الأطفال. كما أن هناك تقارير تشير إلى تعرض اللاجئين لسوء المعاملة.
وحتى لو تم الاعتراف بطلباتهم للجوء، فإنهم مجبرون بموجب القوانين الأوسترالية على البقاء في ناورو أو بابوا غينيا الجديدة، “فهناك لا يتعرضون لأي نوع من الملاحقة”، كما أكد رئيس الوزراء أبوت.
وينطبق ذلك في رأي الحكومة الأسترالية على كامبوديا أيضا، “فكامبوديا دولة آمنة تضمن شرطتها القانون والنظام في البلاد”، حسب ما جاء في ورقة صدرت عن السلطات الأسترالية المختصة. ولذلك من المحتمل إعادة توطين اللاجئين المعترف بهم هناك في المستقبل. وأستراليا مستعدة لتحمل تكاليف ذلك. وعلاوة علي ذلك، فإنها مستعدة لدفع ما يعادل 29 مليون يورو لمدة أربعة أعوام لصالح كامبوديا. وقد وقعت حكومتا الدولتين في الخريف الماضي اتفاقية بهذا الشأن.
مثيرة للجدل قانونيا وأخلاقيا
إلا أن هذه الاتفاقية مثيرة للجدل بشدة، فالفساد وانتهاك حقوق الإنسان والاتجار بالبشر ظواهر منتشرة كثيرا في كامبوديا. ونددت منظمة العفو الدولية بتوقيع الاتفاقية، واصفة إياها بأنها “درك أسفل جديد في معاملة أستراليا غير الإنسانية لطالبي اللجوء”، مشيرة إلى أن أستراليا تقدم مصالحها السياسية على المدى القصير على حساب حماية لاجئين ضعفاء، حسب المنظمة.
وإذا تبنى الاتحاد الأوروبي مثل هذه السياسة، فإن ذلك سيشكل في رأي مؤيدي حقوق الإنسان كارثة. فجزئيا على الأقل سيشكل ذلك انتهاكا للاتفاقية الأوربية لحقوق الأنسان، كما تقول جين ماك آدام، من جامعة جنوب ويلز الجديدة. وتصف مديرة الفرع الأسترالي لمنظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان ألين بيرسن سياسة أستراليا تجاه اللاجئين بأنها “وحشية وغير إنسانية”، وتضيف: “ربما يعتبر تمرير المشكلة إلى دول أخرى حلا فعالا. إلا أن ذلك يتجاهل حقيقة أن هناك أناسا يهربون من الملاحقة وأنه يجب أن يجدوا مكانا يتوجهون إليه”.