كورونا في تركيا بين الصحة والاقتصاد

كورونا في تركيا بين الصحة والاقتصاد

يعتبر المسؤولون الاتراك أن بلادهم حققت انتصاراً كبيراً على فايروس كورونا المستجد، وحجزت مكاناً في مقدمة الدول، الأكثر نجاحاً في التعامل مع جائحة الفايروس.

ويستند هؤلاء المسؤولون على إحصائيات الانتشار والتعافي والوفاة، مقارنة مع دول أخرى منها دول عظمى سياسياً وعسكرياً وأخرى بلغت أوج التطور التقني والعلمي.

وتشير الاحصائيات التي تنشرها وزارة الصحة التركية في مساء كل يوم، أن نسبة التعافي من الفايروس بلغت 72.4 % حتى مساء أمس الجمعة، وهو اليوم ال، 66 من صراع تركيا مع الفايروس، حيث سجلت أول حالة إصابة يوم 11 من شهر أذار الماضي.

وتشكل نسبة التعافي تقدماً كبيراً بالمقارنة مع الدول العشرة الأخرى، التي سجلت اعلى نسبة إصابة في العالم حيث تأتي تركيا بعد الصين وألمانيا وإيران، والتي جميعها حققت نسبة تعافي تفوق الـ80 %.

لكن انتصار تركيا الأكبر يكمن في نسبة الوفيات، حيث تعتبر تركيا صاحبة ثاني أقل نسبة وفيات بين الدول العشرة التي تشهد الانتشار الأكبر للفايروس بعد روسيا، حيث سجلت تركيا حتى مساء يوم أمس الجمعة 4055 وفاة فقط، وهو ما نسبته 2.7 من إجمالي المصابيين متفوقةّ بتلك النسبة على كل الدول آنفة الذكر.

وقد استطاعت تركيا تحقيق نجاحها النسبي هذا، والذي من الممكن أن يتغير مع الزمن ضمن إجراءات لمكافحة الفايروس تعتبر غير مشددة، حيث لم تفرض تركيا حظراً عاماً ومتواصلاً في كل البلاد، بل اكتفت بفرض حظر جزئي في عطلة نهاية كل أسبوع على 31 ولاية كبرى من أصل 82 ولاية في عموم البلاد، وعادت الحكومة التركية ورفعت هذا الحظر عن 16 ولاية، انحسر فيها الوباء ضمن إجراءات تخفيفية أقرتها مطلع الأسبوع الجاري، حيث سمحت للمولات والكبرى ومحلات الحلاقة وبعض المهن الأخرى من مزاولة عملها، ضمن شروط صحية معينة مبنية على قواعد التباعد الاجتماعي.

لكن على الرغم من نعومة إجراءات الحكومة، إلا ان الاقتصاد التركي تعرض لضربة كبيرة في فترة الشهرين الماضين، حيث تعاني الأسواق التركية من ركود قياسي وغير مسبوق، رغم محاولة الحكومة توجيه الدعم للشركات المتوسطة والصغيرة، فيما تهاوت الليرة التركية في الأسبوع الماضي امام سلة العملات الأجنبية، وسجلت أعلى انخفاض لها منذ عام 2003، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 7.26 في يوم 7 أيار الماضي، لتعود وتتحسن تدريجاً وبشكل طفيف في الأيام الثلاثة الماضية.

ويقول الصحفي والباحث في الشأن التركي عبد الله سليمان أوغلو لـ “جسر”، إن “أبرز عامل في نجاح تركيا بتجاوز أزمة الفايروس يكمن بقوة القطاع الصحي من حيث الكوادر البشرية والمعدات الطبية الخاصة بمكافحة الفايروس، حيث تتملك تركيا فائض من الأسرة الخاصة بالعناية المشددة وأجهزة التنفس الاصطناعي، وهو ما جعلها تحجز مقعداً بارزاً في صدارة الدول الأكثر انتصار على الفايروس” حسب وصفه.

كما يقلل سليمان أوغلو من حجم الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا، ويضيف أن “قطاعات الصناعة والزراعة بقيت تعمل بشكل طبيعي رغم أزمة الفايروس، وهو ما ساعد البلاد على عدم الدخول في أزمة تأمين الغذاء التي تعرضت لها بعض الدول بشكل نسبي”.

لكن قدرة المواطن التركي الشرائية انخفضت بشكل ملحوظ في الفترة الماضية وسط ارتفاع حاد في أسعار بعض السلع الغذائية بالإضافة للملابس والإلكترونيات.