قصص لشبان سوريين فقدوا أعمالهم بسبب تراجع الليرة التركية

قصص لشبان سوريين فقدوا أعمالهم بسبب تراجع الليرة التركية

"بمجرد استقرار سعر الدولار وعودة الاستيراد إلى سابق عهده سنعاود العمل"، هكذا أنهى صاحب العمل حديثه مع "رامي عودة"، أحد مهجري حي القابون والمقيم في مدينة إزمير التركية، وذلك قبيل إغلاقه للمحل وذهابه إلى ولايته.

"رامي" روى في تصريح خاص لـ "اقتصاد" تفاصيل تراجع العمل لديهم قبيل الإغلاق قائلاً: "في السابق كنا نعمل يومياً على تسليم ألف قطعة كعدد تقريبي للزبائن واستلام مثلها, ومع تدهور سعر الليرة التركية في الأشهر الثلاثة الأخيرة قل العدد ليقارب المئة قطعة يومياً فقط ويستمر بالتناقص يوماً تلو الآخر".

"رامي" قال إن تدهور سعر الليرة ترك أثراً كبيراً على عملهم كونه يختص بتلبيس المعادن, فارتفاع سعر المواد المعدنية التي تعتبر من الواردات التركية، إضافة إلى ارتفاع سعر مواد التلبيس المستخدمة في العمل، كانت أسباباً وراء التوقف عن العمل.

خلال التقرير الذي أعددناه, استطعنا الحصول على شهادات أخرى من عمال سوريين خسروا أعمالهم نتيجة تدهور سعر صرف الليرة التركية.

"شادي شكور"، وهو أحد مهجري حي القابون والمقيم في أزمير أيضاً، روى لـ "اقتصاد" تفاصيل توقفه عن العمل قبيل عيد الأضحى الأخير، قائلاً: "توقف جميع العمال عن العمل قبيل عيد الأضحى بأسبوع بعد أن قام صاحب العمل بإغلاق المعمل على أمل إعادة فتحه بعد عشرين يوماً من تاريخ الإغلاق، مرجعاً سبب التوقف إلى عدم توفر المواد الأولية (المعادن) وانخفاض وتيرة العمل".

"شادي" أكمل قائلاً: "بعد عشرين يوماً من التوقف قمت بالإتصال بصاحب العمل والذي أكد بدوره استمرار إغلاق المعمل حتى إشعار آخر، نتيجة تدهور الأوضاع". 

لكن أحد العمال الأتراك أكد لـ "شادي" عودتهم إلى العمل، إنما بوتيرة أقل، مع قيام صاحب المعمل بتقليص عدد العمال لديه.

"شادي" كان يعمل في قسم البخ الحراري في المعمل، الذي يختص بتصنيع عربات الأطفال والأراجيح المنزلية. واضطر "شادي" اليوم للعمل كعامل عادي في مجال "ميكانيك السيارات"، ليعيل أسرته.

أما "أحمد" صديق "شادي" والذي عمل معه في ذات المعمل وخرجا منه معاً، لم يتمكن حتى اليوم من إيجاد عمل بديل.

"أحمد" قال في حديثه لـ "اقتصاد": "منذ توقفنا عن العمل وأنا أبحث يومياً عن عمل في المنطقة الصناعية لكنني لم أحظَ حتى اليوم بعمل, حتى أنني جربت البحث عن عمل في المطاعم أو الكافتيريات، لكن النتيجة كانت واحدة".

"أحمد" أضاف: "عملت ليوم واحد في مجال الإنشاءات وكان الاتفاق مع صاحب العمل على أجرة يومية قدرها 100 ليرة تركية للدوام العادي، عدا عن الإضافي. في ذلك اليوم عملنا منذ الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشرة ليلاً، أي 6 ساعات إضافية عن الدوام العادي، لأحصل بعدها على 75 ليرة تركية من صاحب العمل، والذي ألحق الراتب بجملة (لا تعد في اليوم التالي)، لعدم الحاجة لعمال لديهم".

ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة التركية لم يؤثر فقط على السوريين العاملين ضمن المعامل والورشات الصناعية، بل امتد ليطال العاملين في مجال جمع المواد القابلة للتدوير.

"علي"، شاب سوري مقيم في مدينة أنيغول التابعة لولاية بورصة التركية، أكد لـ "اقتصاد" انخفاض وتيرة العمل لديهم بشكل كبير خصوصاً كون عمله يقتصر على جمع "التنك" من المناطق الصناعية التي تختص بصناعة المفروشات هناك.

"علي" قال: "إغلاق العديد من المعامل أبوابها وانخفاض وتيرة العمل لدى البقية منها، سبّب تراجعاً كبيراً في تواجد (التنك) الذي كنا نستطيع جمعه يومياً. فالمعمل الذي كان يستهلك يومياً 10 تنكات من مادتي التنر واللاصق، بات اليوم يستهلك اثنتين فقط".

الأمثلة عن سوريين خسروا أعمالهم في الفترة الأخيرة كثيرة, فصفحات السوريين على مواقع التواصل الإجتماعي تعج يومياً بقصص عديد من الشبان، ممن طردوا من أعمالهم أو أقفلت معاملهم أبوابها.

أما لرؤية أمثلة حية, فيكفي الذهاب إلى المناطق الصناعية صباحاً، وستجد السوريين منتشرين داخلها باحثين في أزقتها عن عمل، عسى أن يؤمن لهم إيجار المنزل والفواتير.